الوقف، حبس مال یمکن الانتفاع به مع بقاء عين المال بمنع الواقف وغيره من التصرف فيه لصرف، ويقسم الوقف إلى قسمين: الوقف الخاص، والوقف العام، ويشترط في صحته: التنجيز، والإقباض، والدوام، ويشترط في الواقف أن يكون عاقلاً بالغاً مختاراً قاصداً، ويشترط في الموقوف عليه شروط وهي: أن يكون موجوداً ممن يصحّ أن يملك، وأن يكون معيّناً، وأن لا يكون الوقف عليه محرّماً.
تعريفه
هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وهذا التعريف مأخوذ من الحديث النبوي وهو قولهصلی الله عليه وآله وسلم: حبّس الأصل وسبّل الثمرة.
إنشاؤه
إنَّ الوقف من الإنشاءات والتي لابدَّ فيها من القصد والإعلان، والإنشاء الصريح باللفظ عبارة عن كلمة (وقفت) ويتلوه مثل كلمة (حبست) و(سبّلت)، والإنشاء العملي الّذي يسمّى بالمعاطاة يتحقّق بإعطاء المال تحبيساً، فلا يكفي في صحة الوقف مجرد النية، بل لابدَّ من الإنشاء.
ماهيته
ذهب بعض الفقهاء إلى أن الوقف عقدٌ ثمرته تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة، وذهب آخرون على أن الوقف من الإيقاعات كالطلاق والإبراء.
أقسامه
قسّم الفقهاء الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين: الوقف الخاصّ، وهو ما كان وقفاً على شخص أو أشخاص كالوقف على أولاده و ذرّيته … والوقف العام، وهو ما كان على جهة ومصلحة عامة كالمساجد والقناطر والخانات، أو على عنوان عام كالفقراء والأيتام ونحوهما.
شروطه
ذكر الفقهاء عدة شروط لصحة الوقف، وهي:
شروط المعاملة
التنجيز: لابدَّ أن يقع إنشاء الوقف منجزا بدون أي ترديد ولا تعليق على شئ متوقع في المستقبل.
الإقباض: إنَّ القبض شرط في صحة الوقف، فلو وقف ولم يقبض ثمّ مات كان ميراثاً.
الدوام: وهو مقتضى الوقف بحسب الطبع، والتوقيت خلاف مقتضى طبيعة الوقف.
شروط الواقف
يشترط في الواقف: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد.
شروط المال الموقوف
يشترط في المال الموقوف أن يكون مما يجوز بيعه والانتفاع به بشرط كونه معينا وموجودا، وبقائها بعد الانتفاع.
شروط الموقوف عليه
يعتبر في الموقوف عليه شروط ثلاثة: أن يكون موجوداً ممن يصحّ أن يملك، وأن يكون معيّناً، وأن لا يكون الوقف عليه محرّماً.
بعض أحكامه
ذكر الفقهاء مجموعة من الأحكام المتعلقة بالوقف، ومنها:
بيع الوقف عند الضرورة
قال الفقهاء: يجوز بيع الوقف إذا خيف خرابه وبطلانه أو خيف خلاف بين الأرباب.
قاعدة كلّية في باب الوقف
ذكر الفقهاء قاعدة فقهية لها آثار مهمّة في باب الوقف، وهي عبارة عن قاعدة: الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها، وفي ضوء هذه القاعدة كان التصرّف في الموقوف والانتفاع عنه وتحديده وتعيين الموقوف عليه بأن يكون شخصاً أو جهة كلّ ذلك على أساس نظر الواقف، وبما أنه كان للواقف الاشتراط بالشروط السائغة، لقاعدة (المؤمنون عند شروطهم) فإنّه يجب العمل على كلّ شرطٍ يشترطه الواقف.
اشتراط التوقيت
لا يصح تحديد الوقف بوقت محدد، فقد قال السيد الخوئي: وإذا وقف على من ينقرض كالوقف على الأولاد صحّ وقفاً، فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف
اشتراط القربة في الوقف
ذكر الفقهاء أنه لا يشترط في الوقف نية القربة لأنه من وجوه البر.
العقيقة، هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع، وهي سنة مؤكدة في الإسلام، لشكر لله على المولود، ذكَراً كان أو أنثى، وورد فيها أدلة كثيرة منها:«أن كل مولود مرتهنٌ بالعقيقة»، كما ذُكر فيها شروطٍ وأحكام منها: إن كان المولود ذكراً فيعَقّ عنه ذكراً، وإن كان أنثى عُقّ عنها أنثى، وجواز تقطيعها من غير كسرٍ لعظامها، وكراهة أن يأكل منها الأبوين، وإجزاء الأضحية عن العقيقة، كما ولها فوائد كثيرة منها: أنها فدية يفدى بها عن المولود.
معناها
لغة، العقيقة: هي الشَّعر الذى يولد به. وكذلك الوَبَر. سميت عَقيقةً تشبيهاً بشعر المولود. وأَعَقَّت الحامل: نبتت عَقيقَةُ ولدها في بطنها.
اصطلاحاً، سُميت الشاة التي تذبح عن المولود عقيقة؛ لأنه يحلق عنه شعر رأسه عند الذبح، فسميت الشاة عقيقة لعقيقة الشعر عنه، فالعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود.
أدلتها
عن الإمام الصادقعليه السلام: «كل مولود مرتهن بالعقيقة.»
عن الإمام الصادقعليه السلام: «عقّ رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم عن الحسن بيده وقال: بسم الله عقيقة عن الحسن، وقال: اللهم عظمها بعظمه ولحمها بلحمه، ودمها بدمه، وشعرها بشعره، اللهم أجعلها وقاءً لمحمد وآله.»
سُئل الإمام الصادقعليه السلام عن العقيقة فقال: «شاة أو بقرة أو بدنة، ثم يسمّ ويُحلق رأس المولود في اليوم السابع، ويتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة.»
عن الإمام الصادقعليه السلام: «كل امرئ مرتهن يوم القيامة بعقيقته.»
شروطها
من شروط االعقيقة؛ كونها سليمة من العيوب وعدم كون سنّها أقل من خمس سنين كاملة في الاِبل، وأقل من سنتين في البقر والمعز، وأقل من سبعة أشهر في الضأن، ولكن ورد في بعض الأخبار: إنما هي شاة لحم ليست بمنزلة الأُضحية يجزى فيها كل شيء.
أحكامها
اختلف أهل العلم في حكمها، ولكن المشهور أنها سُنّة مؤكدة في الإسلام، ومن أحكامها:
أن تذبح يوم السابع للولادة. ويُحلق رأس الطفل ويُوزن شعره فضة أو ذهب ويُتصدّق به.
لا يشترط فيها شروط الأضحية ولا الهدي، بل يجزي الفحل وغيره.
إن كان المولود ذكراً فيعَقّ عنه ذكراً، وإن كان أنثى عقّ عنها أنثى. وروي أنه يُعقّ عن الذكر بأثنتين وعن الأنثى بواحدة. وقيل: إنّ العقيقة في الذكر والأنثى سواء، أي: التساوي.
إذا لم يُعقّ الوالد عن الولد أو كان لا يعلم بأنّ أباه قد عقّ عنه، فيستحب للولد أن يعقّ عن نفسه إذا بلغ.
العقيقة لازمة لمن كان غنياً، ومن كان فقيراً إذا أيسرَ فعل، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه شيئ.
يُستحب أن يعقّ عن التوأمين بعقيقتين.
يجوز تقطيعها من غير كسرٍ لعظامها، ويستحب أن يخصّ القابلة منها بالرجل والورك، والمعنى أنه لا يكسر عظمها؛ لتكون العطية التي يعطيها جزلة؛ لأن ما بين المفصلين من العظام فيه لحم.
يكره أن يأكل منها الأبوين وممن يعوله، وتتأكد الكراهة في الأم.
يجوز أن تطبخ ويُدعى عليها جماعة من المؤمنين، أو إعطاء جاره المحتاج من اللحم.
عدم جواز لطخ رأس الصبي بدم العقيقة، فذلك مما نهى عنه الإسلام.
تجزئ الأضحية عن العقيقة، فمن ضحيّ عنه أجزأته عن العقيقة.
فوائدها
من فوائدها: أنها تفك رهان المولود كما ورد أنه «كل مولود مرتهن بالعقيقة»، ومن فوائدها: أنها فدية يفدى بها المولود كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه يقول على العقيقة: «اللهم لحمها بلحمه ودمها بدمه وعظمها بعظمه وشعرها بشعره وجلدها بجلده، اللهم أجعله وقاءً لفلان ابن فلان».
ذات صلة
العقيقة والأُضحية والهدي من شعائر الإسلام، وبهذا العمل يتقرب إلى الله، فقد تجتمع في بعض المسائل، وتختلف في بعضها.
الأُضحية، هي أن يضحّي الشخص عن نفسه وأهل بيته بحيوان واحد بيوم عيد الاضحى بعنوان الأُضحية وليس هدياً واجباً، فإنه يستحب الأضحية على كل فرد سواء كان حاجاً أو غير حاج في مكة ومنى أم في بلده، وكذلك في كل عام، كما تجزئ الأضحية عن العقيقة، فمن ضحيّ عنه أجزأته عن العقيقة.
الهدي، هو الحيوان الذي يُذبح أو يُنحر في يوم عيد الأضحى في موسم الحج، وقد أُشترط أن يكون الهدي من الأنعام الثلاثة، وأنه لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص واحد.
الأهمية الروحية للنذر في الإسلام: تعهد عبادي بالالتزام تجاه الله
النذر (بالعربية: النذر) يعني أن يجعل الشخص إلزامياً على نفسه القيام ببعض الأعمال الصالحة لوجه الله أو التخلي عن بعض الأعمال السيئة لوجه الله. يشير النذر في الإسلام إلى ممارسة روحية عميقة يلتزم فيها الفرد طواعية بأداء أعمال حسنة أو الامتناع عن أفعال سلبية لوجه الله. هذا الالتزام ليس وعداً عادياً، بل يصبح ملزماً دينياً عند التعبير عنه بصيغة لفظية محددة، سواء باللغة العربية أو ما يعادل معناها بأي لغة أخرى. بشكل أساسي، هو إلزام النفس بشيء، مدفوعاً بالتقوى والرغبة في التقرب من الإله. تتمتع هذه الممارسة بشرعية كبيرة وقد لوحظت في مختلف التقاليد الإلهية، بما في ذلك الإسلام، حيث تعتبر عملاً مستحسناً. بين المسلمين، وخاصة أتباع أهل البيت، يُنظر إلى النذر للأئمة على أنه شكل فعال بشكل خاص من أشكال هذا النذر التعبدي، مما يعكس مكانتهم المرموقة.
فهم النذر في الإسلام: التزام روحي يفرضه المرء على نفسه
كلمة “نذر” نفسها تترجم مباشرة إلى “جعل شيء واجب على المرء”. في سياق الفقه الإسلامي، تجسد هذه الكلمة الفعل الذي يلزم فيه الشخص نفسه بوعي بالقيام بأعمال إيجابية لوجه الله أو الامتناع عن أعمال ضارة. مثال شائع يوضح صيغة النذر هو عندما يقول شخص: “إني نذرت، فإذا شفي عزيزي المريض، لوجه الله، سيكون واجباً علي أن أتصدق بعشرة دولارات لفقير”. يُظهر هذا بوضوح الطبيعة الشرطية التي غالباً ما ترتبط بمثل هذه النذور، حيث يربط نتيجة مرغوبة بفعل معين من أفعال التقوى. فهم ماهية النذر في الإسلام يتضمن الاعتراف به كعقد روحي يفرضه المرء على نفسه مع الله تعالى.
فهم الإرث الروحي وأهمية النذر في الإسلام
تاريخ النذر غني ويمتد عبر روايات جميع الأنبياء الإلهيين والأمم السابقة، مما يجعله تقليداً خالداً أكده الإسلام وشجعه. يقدم القرآن الكريم، النص الديني المركزي في الإسلام، عدة أمثلة قوية للنذر الذي تم إجراؤه وتحقيقه. أحد هذه الأمثلة البارزة هو قصة امرأة عمران، والدة السيدة مريم العذراء. يروي القرآن تفانيها بالكلمات: “إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (القرآن 3:35). تبرز هذه الآية الإيمان العميق والتفاني الاستباقي المتضمن في النذر الإسلامي.
مثال مؤثر آخر يأتي من سورة مريم، حيث بعد سرد قصة النبي عيسى، يوجه الله تعالى السيدة مريم. يُقال لها أنه عند لقاء أي شخص، عليها أن تتواصل بلغة الإشارة، قائلة: “إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا” (القرآن 19:24). يُظهر هذا أن النذر شكل من أشكال العبادة والانضباط، حتى أنه يتضمن أشكالاً فريدة من ضبط النفس. تؤكد هذه الروايات التاريخية أن النذر ليس مفهوماً جديداً بل ممارسة متجذرة بعمق في التراث الروحي. إن فعل النذر في الإسلام متجذر بالتالي في التقليد النبوي والوحي الإلهي.
يذكر القرآن، عند الحديث عن إحدى صفات عباد الله الصادقين، قائلاً:
“يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا” (القرآن 76:7)
تؤكد هذه الآية على أهمية الالتزام بالنذر، وتقدمه كصفة من صفات الصالحين. وتروي رواية مهمة عن الإمام الصادق، تعليقاً على هذه الآية بالذات، توضيحاً قوياً لهذا المبدأ من حياة أهل بيت النبي. روى أنه عندما مرض الإمام الحسن والإمام الحسين، اقترح النبي على الإمام علي: “من المستحسن أن تنذر نذراً لكي يشفى أبناؤك”. فأجاب الإمام علي نذراً: “إن شفيا، فسأصوم ثلاثة أيام شكراً لله”. بعد ذلك، نذرت السيدة فاطمة وفضة، خادمتها، نذوراً مماثلة. وعند شفاء الإمامين، قاموا جميعاً بأداء صيامهم بجد. توضح هذه الرواية بشكل جميل كيف أن النذر، بعيداً عن كونه يتناقض مع التوحيد الإلهي أو الرضا أو التسليم، يجسد بنشاط الاهتمام الصادق بالله، ووحدانيته، ويعمل كوسيلة للتقرب إليه. إن هذا الالتزام بالنذر، كما يمارسه أهل البيت والمؤمنون، هو تعبير عميق عن العبودية والشكر.
الشروط الأساسية لصحة النذر في الإسلام
إن إبرام نذر صحيح في الإسلام هو في الأساس عهد مع الله، حيث يأمل المرء، من خلال الأعمال الصالحة التي يفرضها على نفسه، في تلبية حاجة أو يعرب عن الشكر. ومع ذلك، لكي يكون النذر ملزماً دينياً وصحيحاً، يجب استيفاء شروط معينة. تضمن هذه المتطلبات للنذر صدقه وعمليته وتوافقه مع المبادئ الإسلامية.
إرشادات أساسية لتلاوة صيغة النذر في الإسلام
أحد الشروط الأساسية هو تلاوة صيغة النذر. لكي يصبح النذر واجباً في الشريعة، يجب تلاوة صيغة محددة. يمكن أن تكون هذه الصيغة باللغة العربية أو بأي لغة أخرى، شريطة أن يكون معناها واضحاً: “لله عليّ أنّه إذا تحقّق مطلبي هذا ورغبتي هذه، سأفعل كذا وكذا.” مجرد وجود النية في ذهن المرء أو قلبه دون النطق بهذه الصيغة لا يجعل النذر واجباً، على الرغم من أن أداء الفعل المقصود لا يزال يعتبر فضيلة. يؤكد هذا على أهمية الالتزام اللفظي الواضح والمتعمد عند إبرام النذر في الإسلام.
إرشادات لصحة النذر: ضمان النذور المستحبة والمباحة في الإسلام
موضوع النذر جانب آخر حاسم. يجب أن يكون الفعل المنذور أو الامتناع عنه مستحباً أو مباحاً وفقاً للشريعة الإسلامية. إذا نذر شخص القيام بفعل محرم أو مكروه، أو التخلي عن فعل واجب أو مستحب، فإن نذره يعتبر باطلاً. على سبيل المثال، النذر بالسرقة (محرم) أو التوقف عن الصلاة (واجب) سيجعل النذر باطلاً. إذا كان النذر يتعلق بفعل مباح، فهو صحيح فقط إذا كان القيام بذلك الفعل يعتبر أفضل من منظور ما، وكان هذا المنظور هو سبب النذر. على سبيل المثال، النذر بأكل طعام معين لاكتساب القوة للصلاة صحيح لأن تقوية النفس للعبادة نتيجة مرغوبة. وبالمثل، إذا كان التخلي عن فعل مباح أفضل من منظور ما، مثل النذر بترك التدخين لأنه ضار، فإن النذر صحيح. حتى بالنسبة للصلاة الواجبة، إذا نذر أحدهم أداءها في مكان معين لا يضيف في جوهره أي أجر إضافي (مثل غرفته الخاصة)، فإن النذر باطل ما لم يقدم ذلك المكان فائدة محددة، مثل تركيز أفضل بسبب العزلة. يضمن هذا المعيار أن النذر يعزز الخير ويلتزم بالمبادئ الأخلاقية الإسلامية.
فهم صحة النذر: أداء النذور ضمن قدرة الفرد
إمكانية أداء النذر شرط غير قابل للتفاوض. يجب على المرء أن ينذر فعلاً يكون قادراً على أدائه. لذلك، إذا نذر شخص الذهاب إلى كربلاء سيراً على الأقدام ولكنه غير قادر جسدياً على ذلك، فإن نذره باطل من البداية. يمنع هذا الاعتبار العملي الأفراد من التعهد بالتزامات لا يمكنهم الوفاء بها بشكل معقول.
فهم النذر: عندما يؤثر العجز على الوفاء بالنذر
يتناول النص أيضاً النذر والعجز عن أداء الفعل في سيناريوهين متميزين.
- الأول يتعلق بشخص كان غير قادر على أداء الفعل قبل النذر. في هذه الحالات، يرى الفقهاء أن النذر باطل لأنه نذر لعمل مستحيل. على سبيل المثال، شخص ينذر بالسفر إلى كربلاء سيراً على الأقدام ولكنه معاق جسدياً عن المشي لمسافات طويلة، يكون قد نذر نذراً باطلاً.
- السيناريو الثاني يتعلق بشخص كان قادراً على أداء الفعل وقت النذر، ولكنه فقد القدرة على الوفاء به لاحقاً. هنا، يعتمد الحكم على طبيعة النذر. إذا كان النذر لعمل غير الصيام، وأصبح الشخص غير قادر، فإن النذر يصبح باطلاً، ولا يوجد التزام إضافي. أما إذا كان النذر بالصيام وأصبح الفرد غير قادر بشكل غير متوقع (مثل بسبب المرض)، فعليهم أداء الصيام في وقت لاحق عندما يصبحون قادرين. وإذا ظلوا عاجزين عن الصيام بشكل دائم، يُطلب منهم إعطاء “مد” واحد من الطعام (حوالي 750 جراماً من الدقيق أو الأرز أو التمر) لشخص فقير كصدقة، ليكون ذلك كفارة للنذر الذي لم يتم الوفاء به. يوضح هذا ما يحدث إذا لم أستطع الوفاء بنذري، ويقدم إرشادات محددة لظروف مختلفة.
فهم أنواع النذر في الإسلام: النذور المشروطة وغير المشروطة
يمكن تصنيف النذر إلى أنواع مختلفة بناءً على نية وشروط الشخص الذي ينذر. يساعد فهم هذه الأنواع على توضيح طبيعة وهدف النذور الإسلامية المختلفة.بالنسبة لنية الناذر، يكون النذر على نوعين:
- نذر المجازاة
أحد الأنواع هو نذر المجازاة، وهو نذر مشروط. في هذا الشكل، يكون الوفاء بالنذر مرهوناً بحدوث حدث معين. يقول الشخص بشكل أساسي: “إذا حدث كذا، فسأفعل كذا وكذا”. وبالتالي، ينشأ الالتزام بالوفاء بهذا النذر فقط إذا تم استيفاء الشرط المذكور. نذر المجازاة نفسه ينقسم إلى نوعين:
1. نذر الشكر: هذا نذر يتم كنوع من التعبير عن الشكر لتحقيق طلب أو أمنية. على سبيل المثال، قد يقول شخص: “إذا شفي عزيزي المريض، فسأفعل كذا لوجه الله”. هذا النوع من النذر هو طريقة لشكر الله على نعمه.
2. نذر الزجر: يتم هذا النذر كشكل من أشكال الانضباط الذاتي أو الرادع ضد ارتكاب عمل سيء. مثال على ذلك هو أن يقول شخص: “إذا ارتكبت هذا العمل السيئ، فسأفعل هذا العمل الصالح لوجه الله”. يعمل هذا كإجراء وقائي أو شكل من أشكال التوبة والتصحيح الذاتي. هل يمكنك النذر المشروط في الإسلام؟ نعم، نذر المجازاة هو بالضبط هذا، يربط فعلاً بنتيجة محددة. - نذر التبرع
النوع الرئيسي الآخر هو نذر التبرع، وهو نذر غير مشروط. لا يعتمد الوفاء بهذا النذر على أي حدث أو شرط خارجي. إنه التزام عفوي حيث يجعل الشخص على نفسه واجباً أداء عمل صالح دون أي شروط مسبقة. على سبيل المثال، قد يقرر شخص ببساطة: “لله عليّ أن أصوم كل يوم اثنين”. يُظهر هذا النوع الإخلاص الخالص والالتزام الاستباقي بالأعمال الصالحة. ما هو نذر التبرع يسلط الضوء على الإخلاص المباشر وغير المشروط.
فهم النذر: أحكام إسلامية وعواقب نقض النذر
تحكم النذر عدة أحكام مهمة، مؤكدة على طبيعته الجادة في الإسلام. إذا نذر شخص نذراً صحيحاً ثم أخفق عمداً في الوفاء به، فإنه يتحمل التزاماً دينياً. لا يقتصر الأمر على تحملهم إثم نقض عهدهم مع الله، بل يُطلب منهم أيضاً أداء الكفارة. هذه الكفارة، أو الكفّارة، هي عمل تكفيري محدد، والذي لكسر النذر الإسلامي عادة ما يتضمن إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة (على الرغم من أن تحرير رقبة نادراً ما ينطبق اليوم). وإذا لم يستطع الشخص القيام بأي من هذه، فعليه صيام ثلاثة أيام متتالية. يوضح هذا بوضوح ما يحدث إذا نقضت نذراً والعواقب المترتبة على ذلك، بما في ذلك كفارة نقض النذر الإسلامي.
أحكام تغيير موضوع النذر: الالتزامات والنزاهة الروحية
حكم آخر مهم يتعلق بتغيير موضوع النذر. بمجرد أن يتم النذر بشكل صحيح، يكون واجباً استخدام الموضوع الدقيق للنذر الذي كان مقصوداً أو محدداً. على سبيل المثال، إذا نذر شخص ذبح خروف معين ونوى أو ذكر ذلك الحيوان المحدد، فعليه ذبح ذلك الخروف بالتحديد. لا يمكنه استبداله بخروف آخر، حتى لو كان ذا قيمة مساوية أو أكبر. يؤكد هذا على دقة وطبيعة النذر الملزمة، مؤكداً أنه لا يمكن تغيير النذر بعد إبرامه. الالتزام يكون بالفعل أو العنصر المحدد المنذور، وليس مجرد فئة عامة. وهذا يضمن سلامة العقد الروحي.
مثلما يمثل النذر التزاماً صادقاً بفعل الخير لوجه الله، يمكنك أنت أيضاً تحويل نيتك إلى عمل من خلال دعم المحتاجين. في IslamicDonate، نحول كرمك إلى مساعدة ملموسة للمحرومين، مجسدين الروح الحقيقية للتقوى والرحمة. بالتبرع حتى بمبلغ صغير، تنضم إلى مجتمع ملتزم بإحداث فرق كبير. دع نذر كرمك يتجاوز الكلمات ليصبح عملاً دائماً من الرحمة: IslamicDonate.com
ادعم الأعمال الخيرية الإسلامية بالعملات المشفرة
خطبة الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء، هي الخطبة التي ألقاها (ع) على معسكر عمر بن سعد في يوم عاشوراء سنة 61 للهجرة، ففي هذه الخطبة يعرّف الإمام الحسين (ع) نفسه، ثم يبين سبب مجئيه إلى العراق؛ وأنها كانت بدعوة أهل الكوفة، ويذكر بعض أسماء من راسلوه من معسكر ابن سعد، مؤكدا عدم قبوله مبايعة يزيد بن معاوية، وعدم خضوعه للذلّ والعار.
بناء على ما أورده مؤرخ واقعة كربلاء أبو مخنف الأزدي أن الذين كاتبوا الإمام أنكروا دعوتهم إياه، وأن شمر بن ذي الجوشن قطع كلام الإمام (ع) عندما كان يلقي خطبته، ويقول محمد هادي اليوسفي الغروي أن الشمر قطع كلام الإمام (ع) حتى لا يؤثر كلامه في معسكر ابن سعد.
المكانة والأهمية
إن خطبة الإمام الحسين (ع) هي كلمة للإمام الثالث للشيعة والتي ألقاها على معسكر عمر بن سعد يوم عاشوراء سنة 61 للهجرة (وهؤلاء القوات هم الذين أرسلهم عبيد الله بن زياد والي يزيد بن معاوية على الكوفة لقتال الإمام الحسين (ع) في كربلاء) وقد وردت هذه الخطبة مع اختلاف في مصادر الشيعة وأهل السنة.
الفحوى
دعا الإمام الحسين (ع) معسكر ابن سعد أن يستمع لكلامه وأن لا يستعجلوا في قتاله حتى يعظهم، كما طلب منهم أن يعطوه فرصة حتى يبين لهم سبب مجيئه إلى الكوفة حتى لا يشتبه عليهم الأمر.
وتابع الإمام (ع) في كلامه، معرفا نفسه، مشيرا إلى نسبه وقرابته من الإمام علي (ع)، والنبي (ص)، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، ومذكرا إياهم قول النبي (ص) في حقه وأخيه الحسن (ع) “هذان سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّةِ” وطلب منهم إن لم يصدّقوه، فليراجعوا بعض الصحابة كجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن الأرقم، وأنس بن مالك، ثم يذكّرونهم بأنه سبط النبي (ص) وابن بنته، متسائلا عن معسكر ابن سعد: أيطلبونه بقتيلٍ قتله، أو مالٍ أخذه منهم، أو قصاص جراحة؟!
ثم وجّه الإمام (ع) خطابه إلى مَن كاتبوه مِن أهل الكوفة، وهم شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وقيس بن الأشعث، ويزيد بن الحارث، قائلا: ألم تكتبوا إلي أن أقدم إلى الكوفة؟
وفي الفقرة الأخيرة من خطبته قرأ الإمام (ع) هذه الآية: ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ﴾، وهي تشير إلى قصة موسى (ع) أمام لجاجة فرعون وجلاوزته، وأنهى كلامه بقوله تعالى: ﴿أعوذ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ﴾.
الردود
بناء على ما ذكره أبو مخنف أن الإمام الحسين (ع) عندما دعا معسكر بن سعد أن يستمعوا إلى كلامه حتى يبين لهم سبب مجيئه إلى الكوفة، ارتفع صراخ النساء والأطفال بالبكاء، فطلب الإمام الحسين (ع) من العباس وعلى الأكبر عليهما السلام أن يسكتاهن، وقال جملته الشهير: «سَكِّتَاهُن فَلَعَمْرِي لَيَكْثُرَنَّ بُكَاؤُهُنَّ».
وبعد أن طلب الإمام الحسين (ع) من معسكر ابن سعد إذا لم يصدقوا كلامه يراجعوا بعض الصحابة والذين ما زالوا أحياء، قال شمر بن ذي الجوشن: هو يَعْبدُ اللّهَ على حَرْفٍ إِن كانَ يدري ما يقول، ثم رد عليه حبيب بن مظاهر: “قد طبَعَ اللّهُ على قلبِكَ”.[٩] يقول الباحث الإسلامي محمد هادي اليوسفي الغروي أن السبب من قيام الشمر على قطع كلام الإمام الحسين (ع)؛ حتى لا يؤثر كلامه (ع) في معسكر ابن سعد.
وأنكر من كاتبوا الإمام (ع) دعوتَهم إياه، وبعد أن انتهى كلام الإمام قال له قيس بن الأشعث: لماذا لا تبايع ابن عمك (يزيد)؟ فأجابه الإمام الحسين (ع): «لا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إِعْطَاءَ الذَّلِيلِ وَ لَا أَفِرُّ فِرَارَ الْعَبِيدِ».
الخطبة الثانية
روى العلامة المجلسي في بحار الأنوار نقلا عن المناقب لابن شهر آشوب خطبة أخرى للإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء مخاطبا معسكر ابن سعد، وقد ورد فيها أن الإمام الحسين (ع) قال: «ويلكم! ما عليكم أن تنصتوا إليّ فتسمعوا قولي، … ملئت بطونكم من الحرام، فطبع على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون!؟ ألاتسمعون!؟ وجاءت هذه العبارات من الإمام في الرد على عدم سكوت معسكر ابن سعد لاستماع كلامه.












