دین

زينب بنت خزيمة، (وفاة 4 هـ) من زوجات رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، والمعروفة بأم المساكين، على قول المشهور أنها كانت زوجة طفيل بن الحارث بن المطلب فطلقها، فتزوجها أخوه عبيدة بن الحارث بن المطلب، فأصيب عبيدة في غزوة بدر.

بعد شهادة زوجها، خطبها رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فجعلت أمرها إليه فتزوجها، وذلك في شهر رمضان عام 3 هـ، ولم تعش مع رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إلا أشهر معدودات فماتت بعدها وهي في 30 من عمرها، فصلى عليها صلی الله عليه وآله وسلم صلاة الميت ودفنها في البقيع.

نسبها ولقبها

أبوها: هي زينب بن خزيمة خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية، وينتهي نسبها إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

أمها: هند بنت عوف بن زهير بن حماطة من حمير.

لقبها: لقبت زينب بنت خزيمة (أم المساكين)، لكثرة إطعامها المساكين وصدقتها عليهم، وكذلك كانت تلقب به في زمن الجاهلية.

نقل ابن عبد البر قول أبي الحسن الجرجاني النسابة، أنها كانت أخت زوجة رسول الله (ص) ميمونة بنت الحارث لأمها، وقال: «ولم أر ذلك لغيره». وكذلك ذكر ابن حبيب البغدادي أنها أخت ميمونة لأمها.

زواجها من رسول الله (ص)

لقد أختلف المؤرخون في من كان زوج زينب قبل الزواج من رسول الله (ص)، على قول المشهور أنها كانت زوجة طفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف فطلقها، فتزوجها أخوه عبيدة بن الحارث بن المطلب، فأصيب عبيدة في غزوة بدر، ومات بالصفراء وهو في سن 64 سنة. ذكر ابن هشام في السيرة النبوية أنها كانت زوجة جهم بن عمرو بن الحارث، وهو ابن عمها، قبل أن تتزوج من عبيدة بن الحارث. وذكر البعض أنها كانت زوجة عبد الله بن جحش الذي استشهد في غزوة أحد.

بعد شهادة زوجها، خطبها رسول الله (ص) فجعلت أمرها إليه فتزوجها، وذلك في شهر رمضان سنة 3 هـ. ويوجد أختلاف في صداقها، بعضهم قال: اثنى عشرة أوقية ونشاً، (النش: النصف من كل شيء) والبعض الآخر قال: أربع مئة درهم.

وفاتها

ماتت بعد زواجها من رسول الله (ص) بثمانية أشهر، وذلك في ربيع الثاني سنة 4 هـ، وذكر بعض المؤرخين أنها عاشت مع رسول الله (ص) شهرين أو ثلاثة وماتت، فصلى عليها النبي (ص) صلاة الميت، ودفنها في البقيع.

كان عمرها حين وفاتها 30 سنة، ولم يمت أحد من أزواجه في حياته (ص) غيرها وغير خديجة (ع) قبلها، وهي أول زوجات رسول الله (ص) تموت في المدينة، ولم يحصل منها على ولد.

دین

ليلة المبيت، هي الليلة التي بات فيها الإمام علي عليه السلام في فراش النبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم بدلاً عنه، وذلك حينما أراد مجموعة من مشركي قريش الهجوم على بيت النبي صلی الله عليه وآله وسلم من أجل قتله، فبطلب من رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم بات الإمام علي عليه السلام في فراشه، وبهذه الطريقة لم يحصل المشركون على مبتغاهم في قتل رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، واستطاع النبي في هذه الليلة الهجرة إلى يثرب، وقد ذكر مجموعة من المفسرين بأن آية الشراء في سورة البقرة نزلت في حق أمير المؤمنين عليه السلام؛ وذلك تبعاً لفداء نفسه لرسول الله في تلك الليلة. وذكرت المصادر التاريخية إن هذه الحادثة وقعت في الليلة الأولى من ربيع الأول في السنة 13 أو 14 من البعثة.

خطة قتل النبي(ص)

لقد قام زعماء قريش بإيذاء المسلمين واضطهادهم؛ لكي يُرغموهم على ترك الإسلام، وعلى إثر ذلك أمر رسول الله (ص) المسلمين بالهجرة إلى المدينة. وقد توجه المسلمون أيضاً إثر هذا القرار إلى المدينة في عدة مراحل على شكل مجموعات صغيرة، وبصورة سرية بعيداً عن أنظار قريش.

اجتمع جمع من قريش في دار الندوة، للتشاور واتخاذ القرار حول كيفية مواجهة النبي (ص) وإن الشيطان -طبقا لبعض المصادر التاريخية- كان حاضراً معهم في هذه الجلسة على هيئة رجل عجوز يدير الجلسة، ويرشد المشركين برأيه، وقد صدر القرار أخيراً -بعد اقتراح من أبي جهل- على اختيار شاب شجاع من كل قبيلة حتى يداهموا بيت رسول الله (ص) ليلاً ويقتلوه فيه؛ ويتقسم عندئذ دمه بين كل قبائل العرب، عند ذلك لن يكون بمقدور بنو هاشم -وهم أهل النبي (ص) ومن يثأر له- محاربة جميع قبائل قريش، فيضطرون أخيراً للقبول بـالديّة.

نزول الآية واطلاع النبي(ص)

نزل الأمين جبرئيل على رسول الله (ص) بعد قرار وعزم قريش على قتله (ص) ليُطلعه على خطة قريش، وليبلغه حكم الله سبحانه، كما جاء في الآية 30 من سورة الأنفال ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يخُرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرْ الْمَاكِرِين﴾ فقرّر رسول الله (ص) حينئذٍ ترك بيته قبل وصول المشركين متوجهاً إلى يثرب.وقد تلا عند خروجه من البيت آية ﴿وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْديهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُون﴾ ليخفى عن أنظار المشركين الذين كانوا يحاصرون بيته.

أحداث ليلة المبيت

في الليلة الأولى من شهر ربيع الأول، قال النبي محمد (ص) لعلي (ع):

«يا علي (ع)! إن الروح الأمين هبط عليّ يخبرني أن قريشاً اجتمعت على المكر بي وقتلي، وأنه أوصى إليّ عن ربي عز وجلّ أن أهجر دار قومي، وأن أنطلق إلى غار ثور تحت ليلتي، وأنه أمرني أن آمرك بالمبيت على مضجعي لتخفي بمبيتك عليه أثري، فما أنت قائل وصانع؟»، فقال علي (ع) «أو تسلمنّ بمبيتي هناك يا نبي الله؟»، قال: «نعم»، فتبسّم علي (ع) ضاحكاً، وأهوى إلى الأرض ساجداً، فلمّا رفع رأسه قال له: «امض لما أمرت، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كمسرتك واقع منه بحيث مرادك، وإن توفيقي إلّا بالله». ثم ضمّه رسول الله (ص) إلى صدره وبكى إليه وجداً به، وبكى عليّ (ع) جشعاً لفراق رسول الله (ص)، ثم افترقا.

حاصر المشركون بيت النبي (ص) من أول الليل، ليهجموا عليه في منتصف الليل، فقال لهم أبو لهب: يا قوم، إنّ في هذه الدار نساء بني هاشم وبناتهم، ولا تأمن أن تقع يد خاطئة إذا وقعت الصيحة عليهن فيبقى ذلك علينا مسبّة وعاراً إلى آخر الدهر في العرب.

فأغلق الإمام علي أبواب البيت وأسدل الستار، فلما خلقَ الليل وانقطع الأثر أقبل القوم على عليٍّ (ع) قذفاً بالحجارة (ليتأكدوا من حضوره في البيت)، فلا يشكّون أنّه رسول الله (ص)، حتّى إذا برق الفجر، وأشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي (ع) وقد انتضوا السيوف، ووَثبوا إلى الحجرة، وقصدوا الفراش، فوثب علي في وجوههم فقال:«ما شأنكم؟ قالوا له: أين محمد (ص)؟ قال: أجعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم: نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم».

فأقبلوا عليه (ع) يضربونه، ثم أخرجوه من البيت، وحبسوه في المسجد الحرام ساعة من الليل، وضربوه حتى كادوا يقتلونه. ثم توجّهوا نحو المدينة يطلبون النبي (ص).

ويقال عندما كان الإمام علي (ع) في فراش رسول الله (ص)، هبط جبرئيل فجلس عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرئيل يقول:«بخٍّ بخٍّ، مَن مثلك يا ابن أبي طالب! والله عزّ وجلّ يباهي بك الملائكة».

نزول آية في شأن الإمام علي(ع)

يذكر علماء الشيعة والسنة أن الآية: ﴿وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفُ بِالْعِبَاد﴾ نزلت في شأن الإمام عليعليه السلام في حادثة ليلة المبيت.

 

دین

المأمون العباسي، هو عبد الله أبو العباس (170 – 218 هـ) ابن هارون العباسي، وسابع خلفاء الدولة العباسية. وصلت إليه الخلافة بعد قتل أخيه محمد الأمين سنة 198 هـ، وكانت وفاته في سنة 218 هـ.

نسبه

عبد الله بن هارون، أبو العباس المأمون بالله بن الرشيد بن المهدي بن المنصور. وأمّه أمّ ولد- من بلاد فارس- يقال لها مراجل الباذغيسية.

ولادته ووفاته

ولد المأمون ليلة الجمعة منتصف شهر ربيع الأول سنة 170 للهجرة، وتوفي بالبذندون خارج طرسوس على طريق الروم في 11 رجب سنة 218 للهجرة، وحمل إلى طرسوس، وصلّى عليه أخوه أبو إسحاق المعتصم، ودفن بطرسوس، وكان له يوم مات ثمان وأربعون سنة وثلاثة أشهر.

خلافته

كان الإيرانيون عامّة، والخراسانيون خاصة معروفين بتشيعهم لأهل البيت(ع)، كما أنهم قد سئموا سياسة القمع والقهر التي كان يمارسها والي هارون الرشيد على خراسان علي بن عيسى، ومن هنا مالوا إلى دعم المأمون العباسي في حربه مع أخيه الأمين الذي مال إليه العرب وسكان بغداد، ودعموا حكومته.

وهناك من يرى أنّه بعد أن فرغت يد المأمون من بني أبيه، والبرامكة، والعرب، والعلويين، اضطر أن يلتجئ إلى جهات أخرى لتمد له يد العون والمساعدة، وتكون سلّما لأغراضه، وأداة لتحقيق أهدافه ومآربه. ولم يبق أمامه غير خراسان، فاختارها، كما اختارها محمد بن علي العباسي من قبل. فأظهر لهم الميل الحب، وتقرب إليهم.

وقد تمكن المأمون – سابع الخلفاء العباسيين – وبتخطيط من الفضل بن سهل وقيادة طاهر بن الحسين الملقب بذي اليمينين من الانتصار على قائد جيش الأمين علي بن طاهر سنة 195 هـ وسقوط بغداد على يد طاهر بن الحسين بعد معارك طاحنة جرت بين الطرفين، وتمكنوا من اعتقال الأمين ثم قتله، وبويع للمأمون بالخلافة التي أعلن عنها رسميا في مرو سنة 198 هـ فنصب الفضل بن سهل وزيراً له.

ويذكر أن عبد الله المأمون بن هارون الرشيد بويع في سنة 195 هـ، كما وبايعه عامّة أهل البلدان سنة 196 هـ، فلمّا كان في المحرم سنة 198 هـ، وقتل محمد الأمين، اجتمع عليه أهل البلدان، ولم يبق أحد إلا أعطى طاعته.

وقد كانت حياته حياة جد ونشاط، وتقشف، على العكس من أخيه الأمين، الذي نشأ في كنف زبيدة، فقد كانت حياته حياة نعمة وترف، يميل إلى اللعب والبطالة، أكثر منه إلى الجد والحزم، ويظهر ذلك لكل من راجع تاريخ حياة الأخوين، ولعل سرّ ذلك يعود إلى أن المأمون لم يكن كأخيه، يشعر بأصالة محتده، ولا كان مطمئنا إلى مستقبله، وإلى رضا العباسيين به، بل كان يقطع بعدم رضاهم به خليفة وحاكماً؛ ولهذا فقد وجد أنه ليس لديه أي رصيد يعتمد عليه غير نفسه، فشمرّ عن ساعد الجد، وبدأ يخطط لمستقبله منذ اللحظة الأولى التي أدرك فيها واقعه، والمميزات التي كان يتمتع بها أخوه الأمين عليه.

وقد كان المأمون يستفيد من أخطاء أخيه الأمين، فإن: الفضل عندما رأى اشتغال الأمين باللهو واللعب، أشار على المأمون بإظهار الورع والدين، وحسن السيرة، فأظهر المأمون ذلك.. وكان كلما اعتمد الأمين حركة ناقصة اعتمد المأمون حركة شديدة..

الولاة والأمراء

وجه المأمون المطلب بن عبد الله الخزاعي إلى مصر عاملاً عليها سنة 198 هـ، فأقام سبعة أشهر، ثم ولّى العباس بن موسى بن عيسى الهاشمي مصر سنة 199 هـ، فوجه بابنه عبد الله بن العباس.

وفي سنة 198 هـ وجه المأمون الحسن بن سهل إلى العراق عاملا عليها وعلى غيرها من البلاد.

ولاية العهد

قال المؤرخ اليعقوبي: «وأشخص المأمون الرضا علي بن موسى بن جعفر من المدينة إلى خراسان، وكان رسوله إليه رجاء بن أبي الضحاك، فقدم بغداد، ثم أخذ به على طريق البصرة حتى صار إلى مرو، وبايع له المأمون بولاية العهد من بعده، وكان ذلك يوم الأثنين الـ 27 من شهر رمضان سنة 201 هـ، وألبس الناس الأخضر مكان السواد، وكتب بذلك إلى الآفاق، وأخذت البيعة للرضا (ع)، ودعي له على المنابر، وضربت الدنانير والدراهم باسمه».

دین

الإمام علي الرضا عليه السلام، (148 ــ 203 هـ) هو علي بن موسى بن جعفر، المعروف بـالرضا، ثامن أئمة أهل البيت عند الشيعة الإمامية، تولى الإمامة بعد استشهاد أبيه الكاظم (ع) واستمرّت إمامته حوالي 20 عامّاً. له عدة ألقاب أشهرها الرضا، وكنيته أبو الحسن الثاني، ولد في المدينة المنورة عام 148 هـ، واستشهد بسمٍّ دسَّ إليه المأمون العباسي، في طوس سنة 203 هـ، ودفن في مدينة مشهد، وصار مرقده مزاراً يقصده الملايين من مختلف البلدان.

بعد أن كان الإمام الرضا (ع) يُقيم في المدينة المنورة، انتقل إلى خراسان، بطلبٍ وأمرٍ من المأمون العباسي؛ ليُكرهه على قبول ولاية عهده، وعند مروره بنيشابور روى حديث سلسلة الذهب المشهور.

عُرف عند أهل زمانه بالزهد والعبادة والإحسان للمستضعفين، غير أنّه اشتهر بسعة علمه ومعارفه؛ وذلك لتَفَوُّقه على جميع من ناظره من مختلف المذاهب والأديان، وهذا ما كشفته مناظراته، التي كان يقيمها المأمون العباسي بينه وبين كبار علماء المذاهب والأديان، لعلّه يتمكن من إثبات أنّ أئمة أهل البيت (ع) ليس لديهم علم لَدُنّي كما هو المتداول عند شيعتهم ومواليهم.

هناك العديد من المؤلفات حول حياة الإمام الرضا(ع)، بمختلف اللغات، کالعربية،‌ والفارسية،‌ والإنجليزية، منها كتاب «الحياة السياسية للإمام الرضا(ع)» من تألیف السيد جعفر مرتضى العاملي، و«حياة الإمام علي بن موسى الرضا(ع): دراسة وتحليل»، لمؤلفه باقر شريف القرشي.

هويته الشخصية

هو علي بن موسى بن جعفر (ع). لُقّب عند الشيعة والسنّة بألقاب، أشهرها الرضا، كما یشتهر بعالم آل محمد (ص) حيث ورد عن الإمام الكاظم (ع) أنه قال لأبنائه:‌ «هذا أخوكم عليّ بن موسى عالم آل محمد»، ويُعرف بالإمام الرؤوف، حيث خاطبه الإمام الجواد (ع) في زيارته: «السَّلَامُ عَلَى الْإِمَامِ الرَّءُوف‏». وكذلك لُقِّب بالزّكيّ، والرضي، والوليّ، والوفيّ، والفاضل، والصابر، ونور الهدى، وسراج الله.

المشهور هو أنه يكنى بأبي الحسن، ويكنى في بعض أسانيد الروايات بأبي الحسن الثاني، باعتبار أنّ والده الإمام موسى الكاظم (ع) هو أبو الحسن الأول.

المشهور بين الأعلام والمؤرخين، أنّه ولد في المدينة المنورة عام 148 هـ،، وقيل سنة 153 هــ، في يوم الخميس أو الجمعة الموافق 11 ذي الحجة أو ذي القعدة أو ربيع الأول.

هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، وابن فاطمة الزهراء بنت النبي محمد (ص).

  • أبوه: موسى الكاظم (ع) الإمام السابع للشيعة الإمامية، وجده الإمام جعفر الصادق (ع).
  • أمّه: يرى الشيخ الصدوق أن: أمّه أم ولد (جارية) يقال لها «تُكْتَم» قد سميّت بهذا الاسم عندما كانت ملكاً للإمام الكاظم، ثمّ سمّاها الطاهرة حينما ولدت الإمام الرضا، وقد روى قوم بأنها تسمى (سكن النوبية)، وسميت (أروى)، وسميت (نجمة) وسميت (سمان)، وتكنى (أم البنين)، ولم تذكر المصادر التاريخية معلومات دقيقة عن نسبها.

إخوته:

للإمام الرضا (ع) (36) أخاً وأختاً، هم:

  • الذكور: إبراهيم، والعباس، والقاسم، وإسماعيل، وجعفر، وهارون، والحسين وأحمد، ومحمد، وحمزة، وعبد الله، واسحاق، وعبيد الله، وزيد، والحسن والفضل، وسليمان.
  • الإناث: فاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى، (إحداهن هي فاطمة المعصومة)، ورقية، وحكيمة، وأم أبيها، ورقية الصغرى، وكلثم، وأم جعفر، ولبابة، وزينب، وخديجة، وعلية، وآمنة، وحسنة، ويريهة، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأم كلثوم.

زوجاته:

ذكرت بعض الروايات أنّ من زوجاته أم ولد يقال لها سبيكة، وهي من أَهل بيت ماريَةَ القبطية زوجة النبي الأكرم (ص) وأُمِّ إبراهيم ابن رسول الله. كما جاء في بعض المصادر التاريخية أنّ المأمون اقترح على الإمام الرضا تزويجه بابنته (أم حبيب) فقَبِلَ الإمام بذلك، وهدف المأمون من الزواج، هو التقرّب من الإمام الرضا والنفوذ إلى بيته، ويعتقد اليافعي أنّ اسم بنت المأمون التي زوجها من الإمام الرضا (ع) هو: أم حبيبة، أما السيوطي فقد ذكر خبر تزويج ابنة المأمون من الإمام الرضا من دون أن يتعرض لذكر اسمها.

أولاده:

  • الذكور: اختلفت كلمة المؤرخين في خصوص عدد أولاد الإمام الرضا: والقول المشهور عند متقدمي العلماء، هو أنّ له ولداً واحداً، وهو الإمام محمد الجواد (ع)، وهذا ما استقربه الشيخ المفيد، وقطع به الطبرسي وابن شهر آشوب، وهناك من ذهب إلى القول بأنّ له ستة أولاد، خمسة ذكور وهم: محمد القانع، حسن، جعفر، إبراهيم، حسين، وبنت واحدة، وهذا قول الإربلي، كما أخرج الحميري القمي في مصنّفه (قرب الإسناد) رواية يُفهم منها أنّ للإمام ولدان.
  • الإناث: أخرج الشيخ الصدوق رواية وقع في سندها ما يُفْترض أنّها بنت الإمام الرضا، وهي فاطمة، كما أن من قال بأنّ للإمام الرضا ستة أولاد، ومن هؤلاء هناك بنت اسمها عائشة.

وقيل أنّ له ابنٌ دُفن في مدينة قزوين كان عمره سنتين أو أقلّ، والمعروف حالياً أنه كان يدعى بحسين، وقد توفي عندما سافر الإمام إليها سنة 193 هـ.

صفاته

ذكرت المصادر أن الإمام الرضا عليه السلام كان يتميز بصفات عن غيره، ومنها:

صفاته الخَلْقية

نُقل أنّه كان معتدل القامة، وأنّه كان أبيض، غير أنّ جملة من المؤرخين قالوا: أنّه كان أسمر شديد السمرة، وقد شبّهه البعض بأنّه شديد الشبه بجدّه رسول الله (ص).

صفاته الخُلْقية
كما أن الإمام الرضا (ع) كان يتسم بصفات من مكارم الأخلاق، منها:
في الزهد والكرم

وردت عدّة روايات تكشف عن زهد الإمام الرضا وكرمه:

  • روي عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: كَانَ جُلُوسُ‏ الرِّضَا فِي الصَّيْفِ عَلَى حَصِيرٍ وَفِي الشِّتَاءِ عَلَى مِسْحٍ‏ وَلُبْسُهُ الْغَلِيظَ مِنَ الثِّيَابِ حَتَّى إِذَا بَرَزَ لِلنَّاسِ تَزَيَّنَ لَهُمْ، وَلَقِيَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي ثَوْبٍ خَزٍّ، فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَوْ لَبِسْتَ ثَوْباً أَدْنَى مِنْ هَذَا، فَقَالَ: هَاتِ يَدَكَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَأَدْخَلَ كُمَّهُ، فَإِذَا تَحْتَ ذَلِكَ مِسْحٌ،‏ فَقَالَ: يَا سُفْيَانُ الْخَزُّ لِلْخَلْقِ‏ وَالْمِسْحُ لِلْحَقِّ.
  • ما رواه يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّوْبَخْتِيُّ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ بِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) فَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي عَلَى قَدْرِ مُرُوَّتِكَ. قَالَ: لَا يَسَعُنِي ذَلِكَ، فَقَالَ: عَلَى قَدْرِ مُرُوَّتِي. قَالَ: أَمَّا إِذاً فَنَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ أَعْطِهِ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَفَرَّقَ بِخُرَاسَانَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ: إِنَّ هَذَا لَمَغْرَمٌ، فَقَالَ: بَلْ‏ هُوَ الْمَغْنَمُ‏ لَا تَعُدَّنَّ مَغْرَماً مَا ابْتَعْیتَ بِهِ أَجْراً وَكَرَماً.
    في العبادة والتقوى
    عرف الإمام الرضا (ع)، بكثرة انقطاعه لخالقه حين تنام الخلائق:
    • يقول الشبراوي: عليّ الرضا (ع) كان صاحب وضوء وصلاة ليله كلّه، يتوضّأ ويصلّي ويرقد، ثمّ يقوم فيتوضّأ ويصلّي ويرقد، وهكذا إلى‏ الصباح.
    • وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصُّولِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ وَاسْمُهَا عُذَرُ قَالَتْ: اشْتُرِيتُ مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الْجَوَارِي فَحُمِلْنَا إِلَى الْمَأْمُونِ فَوَهَبَنِي لِلرِّضَا (ع) فَسَأَلْتُ عَنْ أَحْوَالِ الرِّضَافَقَالَتْ: مَا أَذْكُرُ مِنْهُ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَرَاهُ يَتَبَخَّرُ بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ السَّنِيِّ، وَيَسْتَعْمِلُ بَعْدَهُ مَاءَ وَرْدٍ وَمِسْكاً وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَكَانَ يُصَلِّيهَا فِي أَوَّلِ وَقْتٍ، ثُمَّ يَسْجُدُ فَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَجْلِسُ لِلنَّاسِ أَوْ يَرْكَبُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ فِي دَارِهِ كَائِناً مَنْ كَانَ- إِنَّمَا يَتَكَلَّمُ النَّاسُ قَلِيلًا قَلِيلًا.
    • وعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ وهو يصف حال الإمام الرِّضَا فِي حَدِيثٍ: أَنَّهُ كَانَ قَلِيلَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ كَثِيرَ السَّهَرِ- يُحْيِي أَكْثَرَ لَيَالِيهِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى الصُّبْحِ – وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ فَلَا يَفُوتُهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ – وَيَقُولُ ذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ – وَكَانَ كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ – وَأَكْثَرُ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُ فِي اللَّيَالِي الْمُظْلِمَةِ – فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى مِثْلَهُ فِي فَضْلِهِ فَلَا تُصَدِّقْهُ.
    في الإحسان والعطف
    من أبرز مُميِّزات الإمام الرضا (ع)، هو عطفه وإحسانه على المساكين والفقراء، وخاصة المستضعفين من العبيد:
    • أخرج الكليني عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الرِّضَا عليه السلام فِي سَفَرِهِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَدَعَا يَوْماً بِمَائِدَةٍ لَهُ فَجَمَعَ عَلَيْهَا مَوَالِيَهُ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَوْ عَزَلْتَ لِهَؤُلَاءِ مَائِدَةً، فَقَالَ: مَهْ إِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاحِدٌ وَالْأُمَ‏ وَاحِدَةٌ وَالْأَبَ وَاحِدٌ وَالْجَزَاءَ بِالْأَعْمَالِ.
  • في العلم والمعرفة

عُرِف الإمام الرضا (ع)، بتفرّده عن أهل زمانه بسعة العلم والمعرفة، وشهد له بذلك مختلف أصحاب المذاهب والأديان، والروايات في ذلك كثيرة:

  • منها ما قاله عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ‏ مِنْ‏ عَلِيِ‏ بْنِ‏ مُوسَى‏ الرِّضَا عليه السلام وَلَا رَآهُ عَالِمٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ بِمِثْلِ شَهَادَتِهِ، وَلَقَدْ جَمَعَ الْمَأْمُونُ فِي مَجَالِسَ لَهُ ذَوَاتِ عَدَدِ عُلَمَاءِ الْأَدْيَانِ، وَفُقَهَاءِ الشَّرِيعَةِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، فَغَلَبَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَقَرَّ لَهُ بِالْفَضْلِ، وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقُصُورِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا يَقُولُ: كُنْتُ أَجْلِسُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْعُلَمَاءُ بِالْمَدِينَةِ مُتَوَافِرُونَ، فَإِذَا أَعْيَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَشَارُوا إِلَيَّ بِأَجْمَعِهِمْ، وَبَعَثُوا إِلَيَّ بِالْمَسَائِلِ فَأَجَبْتُ عَنْهَا.
  • ومنها ما روي عن أَبُي ذَكْوَانَ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْعَبَّاسِ يَقُولُ‏: مَا رَأَيْتُ الرِّضَا عليه السلام سُئِلَ عَنْ شَيْ‏ءٍ قَطُّ إِلَّا عَلِمَهُ، وَلَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْهُ بِمَا كَانَ فِي الزَّمَانِ إِلَى وَقْتِهِ وَعَصْرِهِ، وَكَانَ‏ الْمَأْمُونُ‏ يَمْتَحِنُهُ‏ فِي كُلِّ ثَلَاثَةٍ بِالسُّؤَالِ عَنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، فَيُجِيبُ فِيهِ وَكَانَ كَلَامُهُ وَجَوَابُهُ وَتَمْثِيلُهُ بِآيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَكَانَ يَخْتِمُهُ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ، وَيَقُولُ: لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَخْتِمَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لَخَتَمْتُ، وَلَكِنْ مَا مَرَرْتُ بِآيَةٍ قَطُّ إِلَّا فَكَّرْتُ فِيهَا وَفِي أَيِّ شَيْ‏ءٍ نَزَلَتْ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ فَلِذَلِكَ صِرْتُ أَخْتِمُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
معرفته بكل اللّغات

تميَّز الإمام الرضا (ع)، بمقدرته على مخاطبة كل قوم بلغته، وهذا قد تظافرت به الروايات الواردة عن مَن كان يتواصل معه:

  • يقول اسماعيل السندي: سمعت بالهند أنّ لله في العرب حجّة، فخرجت في طلبه، فدللت على الرضا (ع) فقصدته، وأنا لا أحسن العربية، فسلّمت عليه بالسنديّة، فردّ عليَّ بلغتي، فجعلت اُكلمه بالسندية، وهو يردّ عليَّ بها، وقلت له: إنّي سمعت أنّ لله حجّة في العرب، فخرجت في طلبه، فقال: أنا هو، ثمّ قال لي: سلْ عمّا أردته، فسألته عن مسائل فأجابني، عنها بلغتي.
  • ويقول أبو الصّلت الهروي: ’’ كان الرضا (ع) يُكلّم النّاس بلغاتهم، فقلت له في ذلك، فقال: يا أبا الصّلت، أنا حجّة الله على خلقه، وما كان الله ليتّخذ حُجّة على قوم وهو لا يعرف لُغاتهم، أو ما بلغك قول أمير المؤمنين (ع): أُوتينا الخطاب، وهل هو إلا معرفته للُّغات.

محل إقامته

وُلِد الإمام الرضا (ع) في المدينة المنورة، واستشهد في طوس، وبسبب وجود تضارب في تاريخ ولادته وعمره فمن الصعب تحديد المدة الزمنية الدقيقة التي أقام في المدينة.

ولكن المعروف بأنه قضى حوالي سبع عشرة سنة من إمامته في المدينة – وهي فترة ما بين سنة 183 هـ استشهاد الإمام الكاظم (ع) حتى إشخاصه إلى خراسان سنة 201 هـ.

وبعد انتقاله إلى طوس أقام بقية حياته في طوس، والتي هي سنتان حيث استشهد في سنة 203 للهجرة، وفيما عدا المدينة المنورة وطوس، أقام الإمام لمدة قصيرة في كل من الكوفة، والبصرة أيضاً.

شهادته

أجمع علماء ومؤرّخو الشيعة على أنّ الإمام الرضا (ع) استشهد بسبب السمّ الذي دسّ له في العنب أو الرمان، بأمرٍ من المأمون العباسي.

فقد روى الشيخ المفيد أن عبد الله بن بشير قال: أمرني المأمون أن أطول أظفاري عن العادة، ولا أظهر لأحد ذلك، ففعلت، ثم استدعاني، فأخرج إلي شيئاً شبه التمر الهندي، وقال لي: اعجن هذا بيديك جميعاً، ففعلت، ثم قام، وتركني، فدخل على الرضا (ع)، فقال له: ما خبرك؟ قال: أرجو أن أكون صالحا. قال له: أنا اليوم بحمد الله أيضاً صالح، فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم؟ قال: لا، فغضب المأمون، وصاح على غلمانه، ثم قال: خذ ماء الرمان الساعة، فإنّه مما لا يستغنى عنه، ثم دعاني، فقال: ائتنا برمان، فأتيته به، فقال لي أعصره بيديك، ففعلت، وسقاه المأمون الرضا بيده، فكان ذلك سبب وفاته‏، وقد دفنه المأمون في بيت حميد بن قحطبة الطائي أي البقعة الهارونية الواقع في قرية سناباد، حيث يقع الحرم الرضوي اليوم في إيران في محافظة خراسان الرضوي مشهد المقدّسة.

ونقل الصدوق جملة من روايات بهذا المضمون، ذكر في بعضها أنّ المأمون دسّ إليه السم في العنب وفي بعضها العنب والرمّان.

وكذلك جاء في تاريخ اليعقوبي: انطلق المأمون في عام 202 للهجرة من مرو إلى العراق مصطحباً معه وليّ عهده الرضاعليه السلام ووزيره الفضل بن سهل ذا الرئاستين، ولما صار إلى طوس توفي الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بقرية يقال لها النوقان أول سنة 203 هـ، ولم تكن علته غير ثلاثة أيام، فقيل إنّ علي بن هشام أطعمه رمانا فيه سم، وأظهر المأمون عليه جزعاً شديداً، كما ذكر ابن حبان، في كتابه الثقات عند ترجمته لـ (علي بن موسى الرضا): ومات علي بن موسى الرضا (ع) بطوس من شربة سقاه إياها المأمون، فمات من ساعته وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين.

وذكر المؤرخون أنّ من الأسباب التي دفعت بالمأمون للإقدام على فعلته:

  • أولاً: انتصاره وتغلبه على علماء عصره في حلقات المناظرة.
  • ثانياً: ما حصل من وقائع أثناء صلاة العيد حيث أنّ المأمون شعر بالخطر الشديد مما حدث في تلك الحادثة، فجعل عليه عيوناً تراقبه خشية أن يقوم بما يعدّ مؤامرة ضدّ المأمون.

والمشهور عند الشيعة أن شهادته كانت في شهر صفر سنة 203 هــ عن عمر ناهز ( 55 ) عاماً، وحدّدها الطبرسي في الآخر من شهر صفر.

وهناك من ذهب إلى أنّ شهادته كانت في 21 من شهر رمضان، ورأي ثالث يذهب إلى القول أنّ شهادته كانت في 18 جُمادى الأولى، ورابع يرى أنّها في 23 من ذي القعدة أو آخرها سنة 202 هـ، أو 203 هـ، أو 206 هـ، وروى الكليني أنّ شهادته كانت في يوم الجمعة أو الأثنين آخر صفر، أو 17 صفر، أو 21 رمضان، أو 18 جمادى الأولى، أو 23 ذي القعدة، أو آخره سنة 202 أو 203 أو 206 هـ. عن عمر ناهز 55 عاماً، وهذا هو المشهور بين أكثر المؤرخين، وحدّدها الشيخ الطبرسي في الآخر من صفر.

وبسبب الاختلاف في تاريخ ولادته وشهادته، فقد اختُلف أيضاً في تحديد عمره الشريف، فكان ما بين 47 -57، إلّا أنه بحسب المستفاد من الرأيين المشهورين في تاريخ ولادته وشهادته يكون قد ناهز الـ 55 عاماً.

ورثاه الشعراء ومنهم علي بن أبي عبد الله الخوافي في هذه الأبيات:

 
يا أرض طوس سقاك الله رحمته ماذا حويت من الخيرات يا طوس
طابت بقاعك في الدنيا وطيبها شخص ثوى بسنابآد مرموس
شخص عزيز على الإسلام مصرعه في رحمة الله مغمور ومغموس
يا قبره أنت قبر قد تضمنه حلم وعلم وتطهير وتقديس
فخرا فإنك مغبوط بجثته وبالملائكة الأبرار محروس

السيرة الرضوية

السيرة العبادية: ورد في السيرة العملية للإمام الرضا (ع) أنه (ع) عندما يسمع صوت الأذان وهو في مناظرة مع كبار علماء الأديان والفرق، يترك جلسة المناظرة، ويجيب على طلب الحاضرين لمواصلة المناظرة: نصلي ونعود، كما أن هناك أخبار وردت عن تهجده وإحيائه الليل بالعبادة وذكر الله، وحينما أهدى الإمام الرضا (ع) قميصه لدعبل الخزاعي قال له: احتفظ بهذا القميص، فقد صليت فيه ألف ليلة ألف ركعة، وختمت فيه القرآن ألف ختمة، وذكرت له سجدات طويلة أيضاً.

السيرة الأخلاقية: هناك نماذج ذكرت حول السلوك الطيب للإمام ومعاشرته مع الآخرين، منها مجالسته مع العبيد والخدم وتناوله الطعام معهم على مائدة واحدة حتى بعد ولاية عهده، روى ابن شهر آشوب أن الإمام الرضا (ع) دخل الحمام ذات مرة، وطلب أحد الأشخاص الحاضرين في الحمام وكان لا يعرف الإمام أن يدلكه (ع)، فبدأ (ع) يدلكه، ثم عرفه، ويجعل يعتذر من الإمام (ع)، لكن الإمام أخذ بخاطره، واستمر يدلكه.

السيرة التربوية: أكدت السيرة الرضوية على دور الأسرة في تربية الأولاد، ومن النقاط التي ورد فيها ضرورة اختيار الزوجة الصالحة، والاعتناء بالأيام التي المرأة فيها حامل، وتسمية الأولاد، وتكريمهم، وللإمام الرضا (ع) اهتمام بالغ بمجالسة أقربائه، وبناء عليه كلما سنحت له فرصة يجمع أقرباؤه الصغير منهم والكبير، ويجلس، ويتكلم معهم.

السيرة العلمية: عندما كان الإمام الرضا (ع) في المدينة يجلس في الروضة النبوية، ويجيب على أسئلة العلماء حينما يعجزون عن الجواب، وبعد ما حضر في مرو أجاب على كثير من الشبهات والسؤالات من خلال المناظرات التي نظمت آنذاك، وفضلا عنها فقد أقام الإمام (ع) مجلسا علميا في مسجد مرو، ولكن عندما سمع المأمون بذلك أمر بتفريق الناس عنه، وعطل درس الإمام، فدعا الإمام الرضا (ع) على المأمون لفعلته هذه.

إن الاهتمام بالصحة والطب واضح تماما في الروايات الواردة عن الإمام الرضا (ع)، وفضلا عن المفاهيم المتعلقة في هذا المجال، فقد ناقشت هذه الروايات قضية الوقاية والتغذية الصحيحة، والرعاية الشخصية، والعلاج. وكتاب طب الرضا الشهير بالرسالة الذهبية المنسوب إلى الإمام الرضا (ع) يحتوي على وصايا في هذا المطلب.

عدم التقية في قضية الإمامة: كان عصر الإمام الرضا (ع) لم يقبل التقية إلى حدّ ما؛ إذ أن ظهور الفرقة الواقفية وفكرتها تعد خطرا جادا على الإمامة، كما أن هناك بقايا الفرقة الفطحية كانت تنشط في عهد الإمام الرضا (ع)، فهذه الظروف جعلت الإمام (ع) أن يبتعد من سياسة التقية إلى حدّ ما، وبدأ بتبيين أبعاد الإمامة بشكل أكثر وضوحا، وعلى سبيل المثال إن موضوع “الإمام مفترض الطاعة” قد طرح بواسطة الإمام الصادق (ع) في الجلسات الكلامية والمجالس الدينية، لكن الأئمة المعصومون كانوا يتعاملون مع هذا الموضوع بتقية، وكان الإمام الرضا (ع) ودون خشية من الطغاة يعرّف نفسه بأنّه إمام مفترض الطاعة،وفي الوقت نفسه كان الإمام يطلب من الشيعة أن يتقوا الله، وينشروا كلامهم إلى الجميع.

وکان جواب الإمام على رسالة المأمون الذي طلب منه أن يبين له محض الإسلام وشرائع الدين، أنه (ع) أشار إلى التوحيد ونبوة النبي (ص)، وتطرّق إلى إمامة الإمام علي (ع) وأحد عشر من أبنائه وعبّر عن الإمام بأنه “القائم بأمر المسلمين”.

فترة إمامته

تصدى الإمام الرضا (ع) لل؛مامة بعد أبيه لمدة 20 سنة بين (183 -203 هـ)، عاصر فيها مُلك هارون الرشيد، (10 سنوات) ومُلك محمد الأمين ( 3 سنوات وخمسة وعشرين يوماً)، ثمّ خُلع الأمين واُجلس عمّه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة (14 يوماً)، ثُم اُخرج محمد ثانية وبويع له وبقى بعد ذلك (سنة وسبعة أشهر) وقتله طاهر بن الحسين، ثُم مُلك المأمون، (5 سنوات).

دلائل إمامته

من أبرز دلائل إمامته، نص الروايات التي رويت على جمهرة من أصحاب أبيه موسى بن جعفرعليه السلام منهم: داود بن كثير الرقيّ، محمد بن إسحاق بن عمار، علي بن يقطين، نعيم القابوسي، الحسين بن المختار، زياد بن مروان، داود بن سليمان، نصر بن قابوس، داود بن زربي، يزيد بن سليط ومحمد بن سنان.

ومن هذه الروايات:

  • عن داود الرقي قال: قلت لأبي إبراهيم – يعني موسى الكاظم-: فداك أبي إني قد كبرت، وخفت أن يحدث بي حدث، ولا ألقاك، فأخبرني من الإمام من بعدك؟ فقال: ابني علي.
  • وعن محمد بن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن الأول– الكاظم- عليه السلام: ألا تدلني على من آخذ منه ديني؟ فقال: هذا ابني علي‏…

بالإضافة إلى الروايات العديدة، فإنّ مقبوليّة الإمام الرضا بين شيعته وأفضليته العلميّة والأخلاقيّة هي التي أثبتت إمامته على الرغم من أنّ قضية الإمامة كانت في زمنه في غاية الحساسية والتعقيد، ولكنّ أكثر أصحاب الإمام الكاظم سلّموا بخلافة الإمام الرضا من بعده.

فرق الشيعة في زمانه

بعد أن سُجِن الإمام الكاظم (ع) في المرّة الثانية التي اُستشهد فيها، وبعد شهادته، انقسم مَن كان على القول بإمامته إلى فرق وجماعات:

الفرقة الأولى: وهي التي أُطلق عليها في تلك المرحلة تسمية القطعية،وهم عموم شيعته الذين قالوا بشهادته ووفاته، ثمّ قالوا بإمامة ابنه الإمام علي الرضا (ع)، وهذه الجماعة شكلوا الأكثرية من شيعة الإمام موسى الكاظم، فقالوا: أنّ الإمام الكاظم مات في حبس السندي بن شاهك وأنّ يحيى بن خالد البرمكي دسّ له السمّ في الرطب والعنب، وبعثه إليه، فكان سبب استشهاده، وأنّ الإمام بعد الإمام الكاظم هو علي بن موسى الرضا (ع)، ولعلّ السبب وراء تسمية هذه الجماعة بالقطعيّة، هو كونهم قطعوا بوفاة الإمام موسى الكاظم، وكذلك قطعوا بإمامة الإمام علي الرضا.

الفرقة الثانية: وهي التي سُمِّيت بالواقفة، وهم الجماعة التي توقفت بالإمامة عند الإمام موسى الكاظم (ع)، وانقسموا في ما بينهم إلى ستة جماعات مختلفين في تفسير سبب وقفهم بالإمامة عند الإمام الكاظم.

  • الجماعة الأولى: قالت: بأنّ موسى بن جعفر لم يمت، وأنَّه حيٌ لا يموت حتى يملك مشرق الأرض وغربها، ويملأها عدلاً كما ملئت جورًا، ورأوا أنّه القائم المهدي، ورووا في ذلك روايات عن أبيه الإمام الصادق (ع).
  • الجماعة الثانية: اعترفت بوفاة الإمام موسى الكاظم، ولكنّها قالت: بعدم جواز أن تكون الإمامة لغيره، وذهبوا للقول برجعته بعد الموت، إلا أنّه مختفٍ عن الأنظار في مكان ما، وأنّه يلتقي ببعض أصحابه الموثقين، يرونه ويلقونه، ونقلوا في مدّعاهم روايات عن أبيه، أنَّه قال: سُمِّي القائم قائماً لأنه يقوم بعد ما يموت.
  • الجماعة الثالثة: ذهبت للقول أنّ الإمام الكاظم (ع) هو القائم، واعترفوا بوفاته، إلاَّ أنّهم قالوا: أنَّه شبيه عيسى بن مريم (ع)، وكذَبوا من قال برجوعه، وقالوا: أنّه يرجع في آخر الزمان لينشر في الأرض العدل والقسط، ورووا في ذلك روايات عن الإمام الصادق، وأنّه قال: أنّ فيه شبهًا من عيسى (ع).
  • الجماعة الرابعة: وهم الذين أنكروا قتله الإمام الكاظم، وقالوا بأنّه مات وأنّ الله رفعه إليه، وسوف يردّه عندم تحين ساعة قيامه وخروجه.
  • الجماعة الخامسة: وقد تكون هذه الجماعة هي إحدى الجماعات المتقدمة، وهم الذين قالوا بغيبة الإمام الكاظم (ع)، وأن القائمين من بعده مثل الإمام الرضا، هم ليسوا أئمة، بل هم خلفاء له إلى حين ظهوره وخروجه.
  • الجماعة السادسة: قالت لا ندري هل أنّ الإمام الكاظم حيًّا أم ميتًا، فوقفوا على إطلاق موته وعن الإقرار بحياته لا يتجاوزن إمامته حتى يتبينوا من الذي نصّب نفسه إمامًا بعده – وهو الرضا – بالدلالات والعلامات الموجبة للإمامة، بالإقرار منه على نفسه بإمامته وموت أبيه، لا بأخبار أصحابه، ولكن هذه الفرقة ما لبثت حتى أقرَّت بإمامة الإمام الرضا إما عن طريق مشاهدتهم أمورا عن الإمام الرضا (ع) فقطعوا عليه بالإمامة، أو من روايات أصحاب الإمام وقولهم فيه.

الفرقة الثالثة: وهي التي أطلق عليها البشرية، وقيل: اسمها السهموية، وهم من الغلاة، والذين اتّبعتوا محمد بن بشير: حیث قالوا أنَّ الإمام الكاظم (ع) لم يمت ولم يُحبس، بل إنَّهُ غائبٌ، وهو القائم المهدي، وقد استخلف في وقت غيبته محمد بن بشير، وعلّمه جميع ما يحتاجه، وأعطاه جميع الصلاحيات التي تخوّله بأن يقوم مقامه، وقالوا أيضًا: أنّ محمد لما مات استخلف ابنه سميع بن محمد بن بشير، وهذه الفرقة أنكرت إمامة الإمام الرضا، ونسبت أنّ مولده غير طاهر، وكَفَرُوا بإمامته ووصفوه بأنّه مدَّعيا لها، بل وكَفَّرُوا وأباحوا دم ومال كل من يقول بإمامته، وأنكروا الزكاة والحجّ والخمس والصوم، وأباحوا المحارم من الفروج والغلمان مستندين في ذلك على قوله تعالى: ﴿أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا﴾، وقالوا بالتناسخ في أرواح الأئمة، وغيرها من المعتقدات التي تخرج عن الإسلام.

موقفه من الغلاة

  • وبيّن الإمام الرضا (ع)، عن بعض مناشئ الروايات التي تحتوي في مضمونها على الغلو في أهل البيت عليهم السلام، حيث قال في رواية طويلة: … يَا ابْنَ أَبِي مَحْمُودٍ إِنَّ مُخَالِفِينَا وَضَعُوا أَخْبَاراً فِي فَضَائِلِنَا، وَجَعَلُوهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: الْغُلُوُّ، وَثَانِيهَا: التَّقْصِيرُ فِي أَمْرِنَا، وَثَالِثُهَا: التَّصْرِيحُ بِمَثَالِبِ أَعْدَائِنَا …
  • وكذلك وقف لمواجهة الغلو في أئمة أهل البيت، ففي رواية طويلة، سُئل عمّا يقوله الغلاة في الإمام علي بن أبي طالب (ع)، فقال: سبحان اللّه عمّا يقول الظالمون والكافرون علوّا كبيرا!! أوليس علي كان آكلاً في الآكلين، وشاربا في الشاربين، وناكحا في الناكحين، ومحدِثا في المحدثين؟ وكان مع ذلك مصلّيا خاضعا بين يدي اللّه ذليلاً، وإليه أوّاها منيبا، أفمن هذه صفته يكون إلها؟! فإن كان هذا إلها فليس منكم أحد إلاّ وهو إله لمشاركته له في هذه الصفات الدالات على حدوث الموصوف بها.
  • وممّا قاله عن الغلاة: عن أبي هاشم الجعفري، قال: سألت أبا الحسن الرضا عن الغلاة والمفوضة، فقال: الغلاة كفار، والمفوضة مشركون، من جالسهم، أو خالطهم، أو آكلهم، أو شاربهم، أو واصلهم، أو زوّجهم، أو تزوج منهم، أو آمنهم، أو ائتمنهم على أمانة، أو صدَّق حديثهم، أو أعانهم بشطر كلمة، خرج من ولاية اللّه عز وجل.png وولاية رسول اللّه (ص) وولايتنا أهل البيت.

مكانته في المدينة

كان الإمام الرضا (ع) يعيش في المدينة المنورة وكان يتمتع بمكانة مرموقة بين الناس، فورد في رواية أن الإمام (ع) يصف موقعه بالمدينة للمأمون العباسي قائلا:

ولقد كنت بالمدينة وكتابي ينفذ في المشرق والمغرب، ولقد كنت أركب حماري، وأمرّ في سكك المدينة وما بها أعزّ مني، وما كان بها أحد منهم يسألني حاجة يمكنني قضاؤها له إلا قضيتها له.

كما روي عنه (ع) في وصف مكانته العلمية في المدينة:

كنت أجلس في الروضة والعلماء بالمدينة متوافرون، فإذا أعيَى الواحد منهم عن مسألة أشاروا إليّ بأجمعهم و بعثوا إليّ بالمسائل فأجيب عنها.

رحلته إلى خراسان

وقد كانت هجرة الإمام الرضا عليه السلام من المدينة إلى مرو في سنة 200 هـ، وهذا ما صرّح به بعض الباحثين، حيث قالوا: أنّ الإمام الرضا استقر في المدينة حتى سنة 201 هـ، ودخل مرو في شهر رمضان من السنة نفسها.

كما ذكر الشيخ المفيد أن المأمون قد أنفذ إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة، وفيهم الرضا علي بن موسى، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاءوه بهم، وكان المتولي لإشخاصِهم هو المعروف بالجلودي، فقدم بهم على المأمون، فأنزلهم داراً، وأنزل الرضا علي بن موسى داراً، وأكرمه، وعظّم، أمره، ويختلف الشيخ المفيد في روايته هذه مع اليعقوبي في كون رسول المأمون لجلب الإمام هو الجلودي لا الرجاء بن الضحاك.

فقد جاء في تاريخ اليعقوبي أنّ المأمون أمر الرجاء بن الضحاك – وهو من أقارب الفضل بن سهل بجلب الإمام الرضا عليه السلام من المدينة إلى خراسان عن طريق البصرة، وقد حدد المأمون مسيراً خاصّاً لقافلة الإمام خشية من أن يمرّ الإمام على المناطق التي تقطنها الشيعة، ويلتقي بهم فأمر أن لا يأتوا به عن طريق الكوفة، بل عن طريق البصرة وخوزستان وفارس ومنه إلى نيشابور، فهكذا كانت حركة الإمام استناداً لكتاب أطلس الشيعة: المدينة، نقره، هوسجة، نباج، حفر أبي موسى، البصرة، الأهواز، بهبهان، إصطخر، أبرقوه، ده شير (فراشاه)، يزد، خرانق، رباط بشت بام، نيشابور، قدمكاه، ده سرخ، طوس، سرخس، مرو.

ومن أهم وأوثق ما حدث في هذا الرحلة الطويلة حديث الإمام في مدينة نيشابور المشهور بحديث سلسلة الذهب.

توليه ولاية عهد المأمون

طلب المأمون العباسي من الإمام الرضا (ع)، أن يكون ولي عهده في الخلافة، فرفض الإمام ذلك، كما تشير جملة من الأخبار والروايات، غير أنّ المأمون التجأ إلى تهديد الإمام الرضا، بالتصريح تارة وبالتلويح أخرى، ممّا دفع بالإمام ولحفظ الدماء، لقبول ولاية العهد بشرط أن لا تكون له أي سلطة تشريعية أو تنفيذية في حكم المأمون من قبيل: التنصيب والعزل، فقبل المأمون ذلك، لأنّ دوافعه في تولية الإمام ولاية العهد، كانت كالتالي:

  • تهدئة الأوضاع الداخليّة: بعد تسلّم المأمون الخلافة بسنة واحدة أي سنة 199 هـ، اندلعت ثورات واسعة قادها العلويّون، حيث خرج أبو السرايا السريّ بن منصور الشيبانيّ بالعراق، ومعه محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل الحسنيّ، فضرب الدارهم بالكوفة بغير سكّة العبّاسيين، وسيّر جيوشه إلى البصرة، وقد توزّعت الثورة على عدّة جبهات:
    • جبهة البصرة بقيادة العبّاس بن محمّد بن عيسى الجعفريّ.
    • جبهة مكّة بقيادة الحسين بن الحسن الأفطس.
    • جبهة اليمن بقيادة إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام.
    • جبهة فارس بقيادة إسماعيل بن موسى بن جعفر.
    • جبهة الأهواز بقيادة زيد بن موسى.
    • وجبهة المدائن بقيادة محمّد بن سليمان،

ولأجل كل هذا كان الهدف الأوّل من دعوة الإمام الرضا (ع) إلى خراسان تحويل ساحة المواجهة العنيفة والملتهبة إلى ساحة مواجهة سياسية هادئة.

  • سلب القداسة والمظلومية عن الثورة: فإنه لم تكن لثورات الشيعة لتقف عند حدّ، وهذه المواجهات كان لها خاصّيّتان:
    • المظلوميّة: الّتي كانت تتمثّل بانتزاع الخلافة والاضطهاد والقتل الّذي تعرّض له أئمّة أهل البيت من عهد الإمام عليّ (ع) إلى عهد مولانا الرضا وما بعده.
    • القداسة: فهي التي يمثّلها الإمام المعصوم من خلال ابتعاده عن أجهزة الحكم، وقيادة الناس وفقاً لمنهج الإسلام الذي يراه أصيلاً، فالمأمون العباسيّ أراد من خلال ولاية العهد أن يسلب هذه القداسة والمظلوميّة اللّتَيْن تشكّلان عامل النفوذ الثوريّ في المجتمع الإسلاميّ، لأنّ الإمام عندما يصبح وليّ عهد سينضمّ، حسب تصوّر المأمون، إلى أجهزة الحكم وينفذ أوامر الملك في التصرّف بالبلاد إذاً فهو لم يعد لا مظلوماً ولا مقدّساً.
  • إضفاء المشروعيّة على الخلافة العباسيّة: فمبايعة الإمام الرضا للمأمون تعني حصول المأمون على اعتراف من العلويّين، على أعلى مستوى، بشرعيّة الخلافة العباسيّة. وقد صرّح هو بذلك بقوله: فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا، ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا؛ لأنّ هذه البيعة تعني بالنسبة إلى المأمون: أنّ الإمام يكون قد أقرّ بأنّ الخلافة ليست له دون غيره، ولا في العلويّين دون غيرهم؛ ولذلك إنّ حصول المأمون على هذا الاعتراف – ومن الإمام خاصّة – يُعتبر أخطر على العلويّين من الأسلوب الّذي انتهجه أسلافه من الأمويين والعباسيين ضدّهم، من قتلهم وتشريدهم، وسلب أموالهم.

وقد صرّح الإمام الرضا (ع) في خصوص توليه لولاية عهد المأمون قائلاً: ما زادني هذا الأمر (ولاية العهد) الذي دخلت فيه في النعمة عندي شيئا، ولقد كنت بالمدينة وكتابي ينفذ في المشرق والمغرب، ولقد كنت أركب حماري وأمر في سكك المدينة وما بها أعز منِّي.

مناظراته مع العلماء

بعد أن قدم الإمام الرضا (ع) مُكرهاً إلى مرو في بلاد فارس، بأمرٍ من المأمون العباسي، عقد المأمون مجموعة من المناظرات العلمية التي حضرها مختلف علماء المذاهب والأديان، وطلب من الإمام الرضا مناظرتهم، فكانت تتمحور هذه المناظرات في غالبيتها حول المسائل العقائدية والفقهية، أدرج منها الشيخ الطبرسي قسماً في كتابه: (الاحتجاج)، ومنها:

  • الاحتجاج في التوحيد والعدل
  • الاحتجاج في الإمامة
  • الاحتجاج مع المروزي
  • الاحتجاج مع أبي قرة
  • احتجاج مع الجاثليق (مع أهل الكتاب)
  • الاحتجاج مع أهل الكتاب (رأس الجالوت)
  • الاحتجاج مع المجوس
  • الاحتجاج مع رأس الصابئة

ويذهب عموم الشيعة الإمامية إلى أنّ غاية المأمون من عقد المناظرات، هي: إزالة الاعتقاد السائد لدى عامّة الأمّة حول أئمة أهل البيت عليهم السلام من أنّهم ذوو علم لدُنيّ، وهذا ما أشار له الشيخ الصدوق في مصنّفه عيون أخبار الرضا، حيث قال: كان المأمون يجلب على الرضا (ع) من مُتَكَلّمِي الفرق والأهواء المُضِلّة كل من سمع به، حِرْصَاً على انقطاع الرضا عن الحجّة مع واحد منهم، وذلك حسداً منه له، ولمنزلته من العلم، فكان لا يُكلم أحداً إلاّ أقرّ له بالفضل، والتزم الحُجَّة له عليه .

ولما أدرك المأمون في نهاية المطاف، أنّه لا يوجد نظيرًا للإمام الرضا (ع)، وأنّ الأمر بدأ ينعكس عليه سلباً، أخذ بالحدّ من هذه المناظرات، وقد أشار إلى ذلك عبد السلام الهروي‏.

مكانته عند عموم المسلمين

حاز الإمام علي بن موسى الرضا (ع) مكانة كبيرة عند الشيعة الإمامية، حيث كان الإمام الثامن من أئمتهم الإثني عشر، وكذلك كانت له مكانة عند من لم يعتقد بإمامته، من أعلام المذاهب الإسلامية الأخرى، وتجلَّى ذلك في كلماتهم التي دوّنوها في مصنّفاتهم عنه:

  • قال ابن حجر: كان الرضا من أهل العلم والفضل مع شرف النسب.
  • قال السمعاني: والرضا كان من أهل العلم والفضل مع شرف النسب.
  • قال الذهبي: كبير الشأن، له علم وبيان، ووقع في النفوس،صيره المأمون ولي عهده لجلالته.
  • قال الواقدي: كان ثقة يفتي بمسجد رسول الله وهو ابن نيف وعشرين سنة.
  • قال اليافعي: توفّى الإمام الجليل المعظّم سلالة السادة الأكارم أبو الحسن علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أحد الأئمة الأثني عشر، أولي المناقب الذين انتسبت الإمامية إليهم …
  • قال ابن حبان: علي بن موسى الرضا … من سادات أهل البيت وعقلائهم، وأجلَّة الهاشميين ونبلائهم … وقد زرته مراراً كثيرة وما حلّت بي شدَّة في وقت مقامي بطوس فزرت علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني إلا استجيب لي وزالت تلك الشدة، وهذا شيء جربته مراراً فوجدته كذلك، أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم أجمعين.

أصحابه

هناك آراء عدة في عدد أصحاب الإمام الرضا (ع) فذكر الطوسي (315) شخصاً وذكر العطاردي (313) شخصاً، ولكن القرشي يشير إلى (367) صحابياً، ومنهم:

  • يونس بن عبد الرحمن
  • موفق (خادم الإمام الرضا)
  • علي بن مهزيار
  • صفوان بن يحيى
  • محمد بن سنان
  • زكريا بن آدم القمي
  • الريّان بن الصلت
  • دعبل بن علي الخزاعي

مختارات من كلامه

وردت الكثير من الروايات عن الإمام الرضا، في الفقه والعقيدة والأخلاق، وغيرها من صنوف العلوم، نذكر منها:

  • من أخلاق الأنبیاء التنظّف.
  • عونك للضعيف أفضل من الصدقة.
  • صاحب النعمة یجب أن یوسع علی عیاله.
  • مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْ قَلْبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
  • التودّد إلى الناس نصف العقل.
  • مَن جَلَسَ مَجلِسا يُحيى فيهِ أَمْرنا، لَم يَمُت قَلبُهُ يَومَ تَموتُ القُلوُبُ.
  • صل رحمك ولو بشربة من ماء وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها.
  • عندما سُئِل: ما حد التواضع؟ فقال: أن تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثله.
  • رحم الله عبداً أحيا أمرنا یتعلَّم علومنا ويعلّمها النّاس، فإنَّ النّاس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا.
  • كلَّما أحدث العباد من الذّنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون.

المؤلفات المنسوبة إليه

ذُكرت عدّة كتب ورسائل تعود نسبتها للإمام الرضا (ع)، غير أنّ ثبوت نسبة هذه المصنّفات له، فيه نقاش بين المحقّقين والعلماء، من هذه الكتب والرسائل:

  1. كتاب العلل: ذكرها الفضل بن شاذان عنه.
  2. مسائل علل الأحكام: رسالة كتبها لمحمد بن سنان.
  3. كتاب فقه الرضا: كتاب مطبوع، ظهر زمن العلامة المجلسي الثاني.
  4. صحيفة الرضا: أو مسند الرضا، ذكرت في مجمع البيان، ووسائل الشيعة … الخ.
  5. الرسالة الذهبية في الطب: كتبها للمأمون العباسي، وأشار لها الشيخ الطوسي في الفهرست.
  6. رسالة في شائع الدين: للمأمون العباسي، ونقلها الصدوق في مصنّفه عيون أخبار الرضا.
  7. رسالة في جوامع الشريعة: كتبها للمأمون العباسي، ونقلها الحراني في مصنّفه تحف العقول عن آل الرسول.

كتب تحدَّثت عن سيرته وترجمت له

  1. كتاب عيون أخبار الرضا (ع)، للشيخ الصدوق.
  2. الحياة السياسية للامام الرضا (ع)، السيد جعفر مرتضى العاملي
  3. كتاب الإمام الرضا عليه السلام تاريخ و دراسة، محمد جواد فضل الله.
  4. كتاب أعلام الهداية، المجمع العالمي لأهل البيت.
دین

السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، ( 173 – 201 هـ)، هي فاطمة بنت الإمام الكاظم وشقيقة الإمام الرضا وعمة الإمام الجواد عليهم السلام. تحظى بمنزلة خاصة بين المؤمنين من أتباع أهل البيت عليهم السلام. كما ذكرت لها ألقاب كثيرة، منها: الطاهرة، والحميدة، والبرّة، والتقية، والنقية، كما أنها كانت تلقب بالمعصومة عليها السلام أيضاً، وأنّ هذا اللقب يُعد من أشهر ألقابها.

خرجت من المدينة في سنة 201 للهجرة؛ لزيارة أخيها الرضا عليه السلام في طوس، إلا أنها مرضت أثناء الطريق، وتوفيت بعد وصولها مدينة قم، ودفنت فيها حيث مرقدها الآن، وقد ورد عن الإمام الرضا عليه السلام: “مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ فِي قُمٍّ فَلَهُ الْجَنَّةُ”.

الحياة ونسبها

لم تسجل لنا الوثائق التاريخية القديمة يوم ولادة السيدة فاطمة المعصومةعليها السلام، إلاّ أنّ المصادر المتأخرة سجلت لنا أن ولادتها كانت في المدينة المنورة غرّة ذي القعدة الحرام سنة 173 هـ. أبوها سابع أئمة الشيعة الإمام موسى بن جعفر الكاظمعليه السلام. وقد ذكر الشيخ المفيد ابنتين للإمام الكاظمعليه السلام يحملان اسم فاطمة الأولى فاطمة الصغرى والأخرى فاطمة الكبرى. وأضاف ابن الجوزي فاطمة الوسطى والأخرى. أمها السيدة نجمة خاتون، كما أن السيدة المعصومة شقيقة الإمام الرضاعليه السلام أيضاً.

أسماؤها وألقابها

وقد ذكرت لها ألقاب من أشهرها: الطاهرة، والحميدة، والبرّة، والتقية، والنقية، والرضية، والمرضية، والسيدة. وبأخت الرضاعليه السلام.
المعصومة
ورد عن الإمام الرضا (ع): مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ فِي قُمٍّ فَلَهُ الْجَنَّةُ.
كريمة أهل البيت
أنّ هذه التسمية تعود إلى رؤيا السيد محمود المرعشي النجفي والد السيد المرعشي، حيث أوصاه أحد المعصومين (ع) في المنام أن يزور السيدة المعصومة (ع) واصفاً إياها بـ”كريمة أهل البيت”.

عدم زواجها

فاطمة لم تتزوج و نقل احمد بن اسحاق اليعقوبي (292/284 هـ) كاتب ومؤرخ، أنّ عدم زواجها يعود إلى وصية من الإمام الكاظمعليه السلام حيث أوصى بأن بناته لا يتزوجن من أحد. وقد ردّ البعض هذا الرأي مستنداً إلى جهالة راويه، وأنّه مما تفرّد بنقله أحمد بن يعقوب (اليعقوبي)، وهو غير كافٍ لإثباته وهو مخالف للسيرة والتاريخ، يضاف إلى ذلك أنّ رواية الكافي تؤكد أن الإمام الكاظمعليه السلام لم يمنع من الزواج، وإنما أرجع ذلك إلى ولده الإمام الرضاعليه السلام، حيث قالعليه السلام: «ولا يُزَوِّجُ بناتي أَحدٌ من إِخوتهنَّ من أُمَّهاتهنَّ ولا سلطانٌ ولا عَمٌّ إِلَّا برأْيِه- يعني الإمام الرضاعليه السلام– ومشورته فإِنْ فعلُوا غير ذلكَ فقدْ خالفُوا اللَّهَ ورسولهُ…».

مكانتها

قال الشيخ عباس القمي بأن «أفضل بنات الإمام الكاظمعليه السلام السيدة الجليلة المعظمة فاطمة والشهيرة بالمعصومة». نقل عن كشف اللئالي أنّ جماعة من الشيعة قصدوا المدينة يريدون الإجابة عن بعض الأسئلة التي كانت معهم، وكان الإمام الكاظمعليه السلام مسافراً خارج المدينة، فتصدت السيدة فاطمةعليه السلام للإجابة، وكتبت لهم جواب أسئلتهم. وفي طريق رجوعهم من المدينة التقوا موسي الكاظم، فعرضوا عليه الإجابات، وعندما اطّلع الكاظم على جوابها قال ثلاث مرات: «فداها أبوها».

الأحاديث المروية عنها

روي عن فاطمة المعصومةعليها السلام مجموعة من الروايات كحديث الغدير وحديث المنزلة وحديث حبّ آل محمد، وفي فضل الإمام عليعليه السلام وشيعته..

هجرتها إلى بلاد فارس ووصولها الى مدينة قم

ذكر صاحب تاريخ قم: «إنّه لما أتى المأمون بـالرضاعليه السلام من المدينة إلى مرو لولاية العهد في سنة 200 من الهجرة، خرجت فاطمةعليها السلام أخته تقصده في سنة 201 هـ فمّا تلقت كتاب أخيها الرضاعليه السلام استعدت للسفر نحو خراسان. فخرجت مع قافلة تضم عدداً من إخوتها وأخواتها وأبناء إخوتها، وعندما وصلوا إلى مدينة ساوة الإيرانية تعرضت القافلة لهجوم، فقتل على إثره إخوتها وأبناء إخوتها فمرضت السيدة فاطمةعليها السلام بعد مشاهدتها لهذه المناظر المأساوية والجثث المضرجة بدمائها. فأمرت خادمها بالتوجه بها إلى أرض قم.

و في رواية أخرى أنّه لمّا وصل خبر مرضها إلى قم، استقبلها أشراف قم (آل سعد)، وتقدمهم موسى بن خزرج، فلما وصل إليها أخذ بزمام ناقتها، وجرها إلى منزله. وقد أرّخت بعض المصادر المتأخرة ذلك في الثالث والعشرين من ربيع الأول. فكانت في دار موسى بن خزرج سبعة عشر يوماً أمضتها بالعبادة والابتهال إلى الله تعالى.

مصلّى السيّدة المعصومة

ما يزال المحراب الذي كانت السيّدة فاطمة تصلّي فيه في دار موسى بن خزرج ماثلاً إلى الآن ويسمى بيت النور، يقصده الناس لزيارته والصلاة فيه. وقد جُدّدت عمارته خلال السنوات الأخيرة، وشُيّدت إلى جانبه مدرسة لطلبة العلوم الدينيّة تعرف بـ«المدرسة الستّيّة». يقع المحراب في شارع قريب من الصحن الشريف، ويُعرف بشارع «جَهار مَرْدان» على يسار الذاهب من الروضة الفاطميّة، وهو مزدان بالقاشاني المعرّف، وعلى مدخله أبيات بالفارسيّة، تعريبه:

لقد شُيِّد هذا البناء المُنير إجلالاً لبنت موسى بن جعفر، حيث مَثُل فيه محراب فاطمة المعصومة، فزادت به «قم» شرفاً على شرف.[بحاجة لمصدر]

مزارها (عليها السّلام)

و لما توفيت فاطمةعليها السلام وغسلت وكفّنت، حملوها إلى مقبرة بابلان والتي تعود ملكيتها الى موسى بن خزرج، ووضعوها على سرداب حفر لها، فاختلف آل سعد في من ينزلها إلى السرداب، ثم اتفقوا على خادم لهم صالح كبير السن يقال له قادر، فلما بعثوا إليه رأوا راكبَين (2) مقبلين من جانب الرملة وعليهما اللثام، فلما قربا من الجنازة نزلا، وصليا عليها، ثم نزلا السرداب، وأنزلا الجنازة، ودفناها فيه، ثم خرجا، ولم يكلما أحدا، وركبا، وذهبا، ولم يدر أحد من هما. وبنى عليها موسى بن خزرج سقيفة من البواري، فلمّا كانت سنة 256 هجرية جاءت زينب بنت محمد بن علي الجوادعليه السلام لزيارة قبر عمتها فبنت عليها قبّة. يرجع تاريخ القبّة الحاليّة على قبر السيّدة المعصومة إلى سنة 529 هـ، حيث بُنيت بأمر من المرحومة (شاه بيكم بنت عماد بيك). أمّا تذهيب القبّة وبعض الجواهر التي رصّع بها القبر الشريف، فهي من آثار فتح علي شاه القاجاريّ. وفوق قبر السيّدة فاطمة صخرة عليها نقش كهيئة المحراب، تحيط به آية الكرسيّ، وكُتب في وسطه «توفيّت فاطمة بنت موسى في سنة إحدى ومائتين».

فضل زيارتها

محمد باقر المجلسي (1037 ــ 1110 هـ) روى عن الإمام الصادقعليه السلام أنّه قال: «إنّ لله حرماً وهو مكة، وإنّ للرسولصلی الله عليه وآله وسلم حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنينعليه السلام حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم». وفي رواية أخرى أنّ زيارتها تعادل الجنة.

  • وفي رواية أخرى عنهعليه السلام: «ستدْفنُ فيه – أي: في قم- امرأَةٌ من ولدي تُسمَّى فاطمةَ بنت موسىعليها السلام يدخل الشيعة الجنة بشفاعتها».
  • روي عن الإمام الرضاعليه السلام أنه قال: «من زارها كمن زارني».
  • وعنه أيضا: «من زارها فله الجنة».
  • وروي عن الإمام الجوادعليه السلام أنّه قال: «من زار قبر عمتي بقم عارفا بحقها فله الجنة».
دین