عندما يزن كل ذرة: تأمل عميق في سورة الزلزلة (الآيات 7-8)
هل فكرت يومًا كيف تُسجّل حتى أصغر الأعمال في حياتك، سواء كانت خيرًا أم شرًا؟ غالبًا ما نقلل من شأن أعمالنا الصغيرة – ابتسامة، كلمة طيبة، أو حتى لحظة إهمال – ومع ذلك في نظر الله، كل عمل يحمل وزنًا. سورة الزلزلة، وخاصة الآيتين 7 و 8، تذكرنا بهذه الحقيقة العميقة:
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًۭا يَرَهُۥ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍۢ شَرًّۭا يَرَهُۥ
“فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره.”
تحمل هاتان الآيتان القصيرتان من القرآن كونًا من المعاني. إنهما توقظان قلوبنا وتذكراننا بأن في الإسلام، لا شيء يمر دون أن يلاحظ. في جمعية التبرعات الإسلامية، نولي هاتين الآيتين اهتمامًا كبيرًا في مهمتنا، لأنهما تعكسان جوهر الإيمان والإخلاص والمساءلة أمام الله.
وزن العمل الواحد في نظر الله
في نظرتنا الدنيوية، قد تبدو الذرة صغيرة جدًا لدرجة لا تُذكر. لكن في نظر الله، تحمل قيمة عظيمة. تؤكد هذه الآيات أن لا عمل يفلت من علمه. كل كلمة، كل نية، وكل عمل خير صامت – كلها مكتوبة.
عندما يقول الله تعالى: “فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره”، فهذا يعني أن شيئًا لا يضيع. حتى العمل الصغير، مثل مساعدة محتاج، التبرع بعملة واحدة، أو إطعام نفس جائعة، سيظهر أمامنا يوم القيامة. إنه تذكير مريح بأن جهودك، سواء كانت ظاهرة أو خفية، لا تتلاشى أبدًا في الصمت.
في الوقت نفسه، يحذرنا الله بأن حتى أصغر الخطايا لا تُتجاهل. من الكلمات الجارحة التي ننطقها إلى اللحظات التي ندبر فيها عن مساعدة الآخرين، كل شيء سيُبرز بعدل تام. كلما فكرت في ذلك أكثر، أدركت كيف تشكل هذه الآية حياة المؤمن بأكملها – موجهة إيانا لنعيش بوعي، مع إدراك كل خطوة نخطوها.
الأعمال الصالحة ليست صغيرة أبدًا
هناك شيء يثلج الصدر بشكل لا يصدق في هذه الآيات. إنها تعلمنا أن لا عمل خير يضيع أبدًا. قد تظن أن صدقتك صغيرة – ربما بضع عملات معدنية فقط، أو دعاء قصير لشخص محتاج – ولكن في نظر الله، تشرق أبهى من الذهب.
في جمعية التبرعات الإسلامية، نرى هذه الحقيقة تتحقق كل يوم. أحيانًا، تبرع صغير واحد يطعم طفلًا، وعمل خير واحد ينقذ عائلة، أو دعاء واحد يرفع معنويات شخص. هذه ليست لفتات عظيمة بالمعايير الدنيوية، ولكن أمام الله، تحمل وزنًا أبديًا.
تتجاوز مهمتنا مساعدة الفقراء؛ إنها تحتضن الإيمان بأن كل مساهمة لها أهميتها، وأن إخلاصك هو ما يمنح صدقتك قيمتها الحقيقية. من مساعدة الفقراء في إفريقيا إلى دعم تعليم الأطفال في فلسطين، تتحد أعمالك الصغيرة لخلق أمواج من الرحمة تصل إلى أبعد مما تراه العين.
لذا عندما تتبرع – سواء كان ذلك مالًا، وقتًا، أو عطفًا – تذكر أنك لا تساعد الآخرين فقط. أنت تستثمر في آخرتك، حيث ستعود إليك كل ذرة من الخير بطرق تفوق الخيال.
مرآة المساءلة
هذه الآيات ليست فقط عن الأجر – بل هي أيضًا عن التأمل. إنها تذكرنا بأننا مراقبون باستمرار، ليس من قبل الآخرين، بل من قبل الخالق. هذا لا يهدف إلى غرس الخوف، بل إلى إيقاظ اليقظة.
تخيل يوم القيامة، عندما يظهر كل عمل، مهما كان صغيرًا، أمامك. في ذلك اليوم، سيندهش الناس من دقة سجل الله. لن تغيب ابتسامة ولا تنهيدة. هذا هو العدل الإلهي المطلق، الرحيم، والكامل.
هذا الوعي يلهم التواضع. يدعونا إلى تطهير نوايانا، للقيام بالخير ليس من أجل المدح، بل من أجل الله وحده. يعلمنا أن نقاء القلب يهم بقدر العمل نفسه. وكما قال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): “إنما الأعمال بالنيات.”
في جمعية التبرعات الإسلامية، نسعى جاهدين لتجسيد هذا المبدأ. عملنا لا يسترشد بالأرقام أو التقدير، بل بالإخلاص. نحن لا نكتفي بإطعام الجياع؛ بل نسعى أيضًا لرضا الله في كل عمل. كل تبرع نتلقاه، وكل وجبة نوزعها، هو انعكاس للإيمان في العمل – تفسير حي لهذه الآيات.
من الأعمال الدنيوية إلى الأجور الأبدية
جمال الإسلام يكمن في ربطه بين ما هو مرئي وما هو غيبي. ما يحدث في حياتك اليومية – صدقتك، صبرك، صدقك، وعطفك – كل ذلك يتردد صداه في الآخرة. من هذا العالم إلى الآخر، كل عمل صالح يحمل أثرًا روحيًا.
هذه الآيات في سورة الزلزلة تذكرنا بلطف أن الحياة ليست عشوائية. كل لحظة مهمة. كل عمل يكتب سطرًا في قصة روحك. وعندما نقف أمام الله، سنرى أخيرًا ما كنا نتجاهله.
عندما نخدم الآخرين، فإننا في الواقع نخدم أنفسنا – نغذي إيماننا ونستعد للأبدية. كلما أعطينا أكثر، زاد فضل الله علينا. وكلما غفرنا أكثر، زاد السلام في قلوبنا.
لهذا السبب في جمعية التبرعات الإسلامية، ندعوك للمشاركة في أعمال لا تتلاشى أبدًا. سواء كان ذلك من خلال صلواتك، زكاتك، أو صدقاتك، كل عمل مسجل. قد يبدو صغيرًا الآن، لكن في ذلك اليوم عندما تُكشف جميع الأعمال، سترى بريقه بين مكافآتك الأبدية.
نكتب بانتظام تفسيرات (تفسير) لآيات القرآن للمسلمين. لقراءة المزيد، انقر على الرابط: تفسير الآيتين 183 و 184 من سورة البقرة
عش بوعي، اعمل بإخلاص
سورة الزلزلة (الآيتان 7-8) تذكير بأن الحياة سلسلة من الاختيارات، كل واحد منها يسجله العدل المطلق. يعلمنا القرآن أن لا شيء نفعله يضيع أبدًا – لا لطفنا ولا أخطاؤنا.
لذا دعونا نعيش بنية. دعونا نعمل الخير ما دمنا نستطيع، نساعد المحتاجين، ونطهر قلوبنا بالإخلاص. حتى أصغر عمل – كلمة طيبة، عملة معدنية، دعاء – يمكن أن يفتح أبواب رحمة الله.
في جمعية التبرعات الإسلامية، نستلهم من هذه الآية في كل خطوة نخطوها. معًا، يمكننا تحويل الأعمال الصغيرة إلى تغيير دائم، في هذا العالم وفي الآخرة. لأنه عندما تتبرع لوجه الله، لا يوجد عمل خير صغير جدًا أبدًا.