حرم العباس (ع)، هو أحد مزارات الشيعة في كربلاء ومَشهَد العباس بن علي (ع) الذي استشهد في واقعة الطف سنة 61 هـ.
تبلغ مساحة الحرم ما يقارب 10973 م 2، ويقع إلى الشمال الشرقي من حرم الإمام الحسين (ع)، ويعود تاريخه إلى القرن الهجري الأول، وقد تكوّن بناءه من ضريح وقبّة إلي جانب أروقة وإيوانات على النمط الإسلامي في التصميم.
تعود خلفيّته التاريخية إلى عصر البويهيين، وقد خضع للتوسعة وإعادة الإعمار عدة مرات، منها خلال العهدين الصفوي والقاجاري. كما قد نصب شباك ضريح حديث على القبر في سنة 1395 هـ/ 2016 م.
وكان حرم العباس تابعا لـلعتبة الحسينية بحيث كان ينوبون عن سدنة الحرم الحسيني أفراد يتصدون لإدارة الروضة العباسية.
العباس بن علي (ع)
العباس بن علي بن أبي طالب (26 – 61 هـ) أمه أم البنين (ع)، وهو المعروف بـأبي الفضل، والملقّب بقمر بني هاشم وببطل العلقمي لفرط جماله وإبائه. استشهد قبل أخيه الحسين
في وقعة عاشوراء سنة 61 هـ، ودُفن في مكان استشهاده، ثم بُني على قبره مرقدٌ وقبة عُرفت بحرم العباس والذي يقع في الشمال الشرقي من الحرم الحسيني وبمسافة 300 متر تقريبا.
تاريخ بناء الحرم
لا تتوفر الكثير من المعلومات عن البناء الأول لحرم العباس (ع)، والقدر المعلوم وجود سقيفة على القبر في القرن الثاني الهجري فقد روي عن زيارة الإمام الصادق (عليه السلام) للعباس (عليه السلام) أنه قال: ثُمَّ امْشِ حَتَّى تَأْتِيَ مَشْهَدَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ فَإِذَا أَتَيْتَهُ فَقِفْ عَلَى بَابِ السَّقِيفَة.
إنَّ كل ما أقيم من بناء وإعمار وزخرفة وتوسعة وبناء القبة والمأذنيتن للعتبة الحسينية شمل العتبة العباسية، وذكرت بعض المصادر أنَّ العمارة الأولى للعتبة العباسية كانت في عصر المختار الثقفي إلى أن هدمها هارون العباسي، ثم أعيد البناء في أيام المأمون العباسي، ولكن هذا البناء لم يدُم طويلا فقد هُدم على يد المتوكل العباسي سنة 236 هـ.
تشييد العمارة في العهد البويهي
شيّد السلطان عضد الدولة البويهي عمارة الروضة العباسية والقبة المنورة في سنة 371 هـ.
تقدم العمران في العهد الصفوي
تقدم عمران الروضة العباسية في عهد الصفويين حيث قام الشاه طهماسب الصفوي سنة 1032 هـ (1622 م) بتزيين القبة بالقاشاني وبنى شباكا على الصندوق ونظم الرواق والصحن.
الإعمار والبناء في الحقب التاريخية
كلّ من شيّد الروضة الحسينية المقدسة تولى تشييد الروضة العباسية المقدسة أيضاً. واهتمّ السلاطين بذلك في مختلف الحقب التاريخية فجُدّد صندوق القبر وعُمّر الرواق في عهد نادر شاه كما شُيّد بناء المرقد في عصر عبد المجيد خان محمود العثماني، وصنع شباك من فضة لضريح العباس (ع) في العصر القاجاري.
هجوم الوهابية والنظام البعثي
في سنة 1216 هـ هجم الوهابيون بقيادة سعود بن عبد العزيز على مدينة كربلاء، وهدموا العتبة العباسية ونهبوا خزائنها. فنهض فتح علي شاه القاجاري وجدّد ما نهب وعمّر القبة.
وخلال الانتفاضة الشعبانية سنة 1411 هـ قامت قوّات النظام البعثي بقصف العتبة العباسية.
أجزاء الحرم المهمّة
شكل الروضة العباسية من الخارج مستطيل، في وسطه القبر الشريف الذي أحيط بأروقة محاطة بفضاء واسع يسمّى صَحنا. يعلو سطح الروضة قبة مرتفعة وهي تتوسط المأذنتين. وتحت الروضة نَفَق يؤدي إلى قبر العباس (ع)، والذي يُدخل إليه عن طريق باب يقع في الرواق الشمالي. تبلغ مساحة الروضة 10973 م2 تقريبا.
الضريح
الضريح هو شبّاك مصنوع من الذهب والفضة يحيط بالصندوق الذي يضمّ القبر. بني في العهد الصفوي ضريح على قبر العباس (ع)، وجُدّد فيما بعد عدّة مرات:
- أولاها: في عام 1183 هـ الموافق لعام 1769 م.
- والثانية: في سنة 1236 هـ وبأمر السلطان محمد شاه القاجاري فتمت صناعة الضريح من الفضة.
- والثالثة: في سنة 1259 هـ.
- والرابعة: في عام 1385 هـ وبأمر سماحة السيد محسن الحكيم. وقد صنع هذا الشباك في إيران واستخدم فيه ما زنته 2000 كغم من الفضة و40 كغم من الذهب.
- والخامسة وهي الأخيرة: في عام 1437 هـ الموافق لعام 2016 م وبأمر متولي العتبة العباسية. وقد صنع هذا الضريح الذهبي الفضي في العراق طيلة خمس سنوات.
الأروقة
تحيط بالروضة العباسية أربعة أروقة مسقّفة بالقاشاني والمرايا المقطعة الأشكال. الرواق الشرقي يضم خمسة مقابر والرواق الجنوبي يتصل بطارمة الذهب من ثلاثة أبواب.
إيوان الذهب
البهو الفسيح الذي يقع في مقدّمة الحرم يعرف بإيوان الذهب (أو طارمة الذهب)، تبلغ مساحته 320 مترا، وهو بُني بالطابوق النحاسي المطليّ بالذهب.
القبة
تعلو الروضة العباسية قبة يبلغ ارتفاعها عن سطح الأرض 39 مترا ويبلغ قطرها 12 مترا. هي نصف كروية مدبّبة الرأس ولها نوافذ ذات أقواس مدببة، وكتبت على القبة من الداخل آيٌ من القرآن بخط أبيض. وتاريخ القبة كما هو مثبت عليها سنة 1305 هـ.
في سنة 1375 هـ/ 1955 م، قامت الحكومة العراقية بتذهيب القبة واستعملت فيها 6418 طابوقة ذهب، ونقشت في أسفلها آيات قرآنية مطعمة بالمينا والذهب.
المآذن
ترتفع في نهاية إيوان الذهب مئذنتان يكتسي النصف العلوي من كل منهما ب 2016 صفيحة ذهبية والنصف السفلي بصفائح من الكاشي، ونقش في الأسفل تاريخ التبليط بالكاشي وهو عام 1221 هـ. يبلغ ارتفاعهما عن أرضية الصحن 44 مترا.
أنجزت إدارة الروضة العباسية مشروع تقوية وصيانة المئذنتين بالتزامن مع مشروع تذهيبهما سنة 1431 هـ، ويبلغ وزن الذهب المُخصّص له 108 كغم.
الصحن
تبلغ مساحة الصحن 9300 متر مربع وتحيط به أربعة أواوين ذات مقرنصات وأطواق هندسية بديعة الشكل وفي كل واحدة من الأواوين غرفة اتخذت للدراسة الدينية ومذاكرة العلم.
أبواب الصحن
أبواب الصحن الحديثة أنشئت سنة 1394 هـ/ 1974 م، وهي كالآتي:
- باب القبلة، الذي يقع في الجهة الجنوبية من الصحن.
- باب الإمام الحسن وهو يقع في غرب الصحن حيث يتجه منه الزائر نحو صحن الإمام الحسين (ع).
- باب الإمام الحسين (ع) الذي يقع إلى جانب باب الإمام الحسن (ع).
- باب صاحب الزمان (ع) الواقع بالقرب من باب الإمام الحسين (ع).
- باب الإمام موسى بن جعفر (ع) وهو يقع في الزاوية الغربية من الصحن.
- باب الإمام محمد الجواد (ع) الذي يقع في الجهة الشمالية من الصحن.
- باب الإمام علي الهادي (ع) وهو يقع في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن.
- باب الفرات الواقع في الجهة الشرقية من الصحن.
- باب الأمير (ع) الذي يقع في الجهة الشرقية من الصحن أيضا.
أضلاع الصحن
تحيط بالصحن أربعة أضلاع، تطل عليها غُرف يبلغ عددها 57 غرفة، يتصدر كلا منها إيوان صغير، ويتوسط كلّا من أضلاع المرافق الخارجية إيوان ضخم يرتفع بارتفاع طابقي الغرف الصغيرة، ونقشت على جدران الإيوان أشكال نباتية وزهرية وهندسية وكذلك كتابات لآيات قرآنية.
إدارته
منذ القرن الرابع الهجري كانت إدارة مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس (ع) تُفوَّضُ من قِبَل الحكّام والسلاطين إلى أشراف القبائل والعلماء. وفي بيوت بعض الكربلائيين صكوك رسمية قديمة (فرامين) من لدن الصفويين تدلّ على مثل هذا التفويض. وسجلت في إدارة الأوقاف العراقية أسماءُ بعض من تولّى الإدارة (السَدَنة)في العهد العثماني.
كانت إدارة الروضة العباسية تابعة لإدارة الروضة الحسينية حيث كان خدمُها يُنيبون عنهم أشخاصا للخدمة في الروضة العباسية، وهناك أسماءٌ لمن تولّى إدارتَها مِن بينهم أشخاصٌ من قبائل “آل ضياء الدين”، و”آل ثابت”، و”آل طعمة”، و”آل الوهاب”.
خزانته
تضمّ خزانة الروضة العباسية أموالا ثمينة، منها بعض السجادات الثمينة، والثريات الذهبية، والسيوف المطعمة بالأحجار الكريمة والذهب، والساعات الجدارية الذهبية، وكفوف ذهبية، ومصاحف مخطوطة يبلغ عددها 109 مصاحف، وفيها مصحف خطي بخط الإمام علي (ع).
مشاهير المدفونين فيه
دفن كثير من الأعلام وكبار العلماء في مرقد العباس (ع) نقتصر على بعض المشاهير:
- علي بن زين العابدين اليزدي الحائري -ت 1333 هـ – صاحب كتاب إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب.
- الشيخ علي اليزدي البفروئي الذي درس على الشيخ محمد حسين الحائري، صاحب المقاليد وكان يقيم الجماعة في حرم الحسين (ع).
- محمد رشيد الجلبي الصّافي
- السيد كاظم البهبهاني
- حسين الحلاوي
- عبد الجواد الكليدار
- السيد محسن السيد محمد علي آل طعمة
- السيد محمد علي الإسترآبادي
- السيد محمد بن محسن الزنجاني -ت 1355 هـ –
- السيد عبد الله الكشميري
- الشيخ علي سيبويه.
- الشيخ كاظم الهر.