خطبة الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء، هي الخطبة التي ألقاها (ع) على معسكر عمر بن سعد في يوم عاشوراء سنة 61 للهجرة، ففي هذه الخطبة يعرّف الإمام الحسين (ع) نفسه، ثم يبين سبب مجئيه إلى العراق؛ وأنها كانت بدعوة أهل الكوفة، ويذكر بعض أسماء من راسلوه من معسكر ابن سعد، مؤكدا عدم قبوله مبايعة يزيد بن معاوية، وعدم خضوعه للذلّ والعار.
بناء على ما أورده مؤرخ واقعة كربلاء أبو مخنف الأزدي أن الذين كاتبوا الإمام أنكروا دعوتهم إياه، وأن شمر بن ذي الجوشن قطع كلام الإمام (ع) عندما كان يلقي خطبته، ويقول محمد هادي اليوسفي الغروي أن الشمر قطع كلام الإمام (ع) حتى لا يؤثر كلامه في معسكر ابن سعد.
المكانة والأهمية
إن خطبة الإمام الحسين (ع) هي كلمة للإمام الثالث للشيعة والتي ألقاها على معسكر عمر بن سعد يوم عاشوراء سنة 61 للهجرة (وهؤلاء القوات هم الذين أرسلهم عبيد الله بن زياد والي يزيد بن معاوية على الكوفة لقتال الإمام الحسين (ع) في كربلاء) وقد وردت هذه الخطبة مع اختلاف في مصادر الشيعة وأهل السنة.
الفحوى
دعا الإمام الحسين (ع) معسكر ابن سعد أن يستمع لكلامه وأن لا يستعجلوا في قتاله حتى يعظهم، كما طلب منهم أن يعطوه فرصة حتى يبين لهم سبب مجيئه إلى الكوفة حتى لا يشتبه عليهم الأمر.
وتابع الإمام (ع) في كلامه، معرفا نفسه، مشيرا إلى نسبه وقرابته من الإمام علي (ع)، والنبي (ص)، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، ومذكرا إياهم قول النبي (ص) في حقه وأخيه الحسن (ع) “هذان سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّةِ” وطلب منهم إن لم يصدّقوه، فليراجعوا بعض الصحابة كجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن الأرقم، وأنس بن مالك، ثم يذكّرونهم بأنه سبط النبي (ص) وابن بنته، متسائلا عن معسكر ابن سعد: أيطلبونه بقتيلٍ قتله، أو مالٍ أخذه منهم، أو قصاص جراحة؟!
ثم وجّه الإمام (ع) خطابه إلى مَن كاتبوه مِن أهل الكوفة، وهم شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وقيس بن الأشعث، ويزيد بن الحارث، قائلا: ألم تكتبوا إلي أن أقدم إلى الكوفة؟
وفي الفقرة الأخيرة من خطبته قرأ الإمام (ع) هذه الآية: ﴿إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ﴾، وهي تشير إلى قصة موسى (ع) أمام لجاجة فرعون وجلاوزته، وأنهى كلامه بقوله تعالى: ﴿أعوذ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ﴾.
الردود
بناء على ما ذكره أبو مخنف أن الإمام الحسين (ع) عندما دعا معسكر بن سعد أن يستمعوا إلى كلامه حتى يبين لهم سبب مجيئه إلى الكوفة، ارتفع صراخ النساء والأطفال بالبكاء، فطلب الإمام الحسين (ع) من العباس وعلى الأكبر عليهما السلام أن يسكتاهن، وقال جملته الشهير: «سَكِّتَاهُن فَلَعَمْرِي لَيَكْثُرَنَّ بُكَاؤُهُنَّ».
وبعد أن طلب الإمام الحسين (ع) من معسكر ابن سعد إذا لم يصدقوا كلامه يراجعوا بعض الصحابة والذين ما زالوا أحياء، قال شمر بن ذي الجوشن: هو يَعْبدُ اللّهَ على حَرْفٍ إِن كانَ يدري ما يقول، ثم رد عليه حبيب بن مظاهر: “قد طبَعَ اللّهُ على قلبِكَ”.[٩] يقول الباحث الإسلامي محمد هادي اليوسفي الغروي أن السبب من قيام الشمر على قطع كلام الإمام الحسين (ع)؛ حتى لا يؤثر كلامه (ع) في معسكر ابن سعد.
وأنكر من كاتبوا الإمام (ع) دعوتَهم إياه، وبعد أن انتهى كلام الإمام قال له قيس بن الأشعث: لماذا لا تبايع ابن عمك (يزيد)؟ فأجابه الإمام الحسين (ع): «لا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إِعْطَاءَ الذَّلِيلِ وَ لَا أَفِرُّ فِرَارَ الْعَبِيدِ».
الخطبة الثانية
روى العلامة المجلسي في بحار الأنوار نقلا عن المناقب لابن شهر آشوب خطبة أخرى للإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء مخاطبا معسكر ابن سعد، وقد ورد فيها أن الإمام الحسين (ع) قال: «ويلكم! ما عليكم أن تنصتوا إليّ فتسمعوا قولي، … ملئت بطونكم من الحرام، فطبع على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون!؟ ألاتسمعون!؟ وجاءت هذه العبارات من الإمام في الرد على عدم سكوت معسكر ابن سعد لاستماع كلامه.